Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 211-212)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { سَلْ بَنِي إِسْرَٰءِيلَ … } الآية : معنى الآية : توبيخُهم علَىٰ عنادهم بعد الآياتِ البيِّناتِ ، والمراد بالآيةِ : كم جاءَهُمْ في أمر محمَّد صلى الله عليه وسلم من آية مُعرِّفةٍ به دالَّةٍ عليه ، و { نِعْمَةَ ٱللَّهِ } : لفْظٌ عامٌّ لجميع إِنعامه ؛ ولكنْ يقوِّي من حال النبيِّ صلى الله عليه وسلم معهم ؛ أنَّ المشار إِليه هنا هو محمَّد صلى الله عليه وسلم فالمعنَىٰ : ومن يبدِّلْ من بني إِسرائيل صفةَ نعمة اللَّه ، ثم جاء اللفظ منسحباً علَىٰ كلِّ مبدِّل نعمةً للَّه ، ويدخل في اللفظ كفَّار قريشٍ ، والتوراةُ أيضاً نعمةٌ على بني إِسرائيل ، فبدَّلوها بالتحريفِ لها ، وجَحْدِ أمرِ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } : خبرٌ يتضمنُ الوعيد . وقوله تعالى : { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا … } الآية : الإِشارة إِلى كفار قريشٍ ؛ لأنهم كانوا يعظمون حالهم في الدنيا ، ويغتبطون بها ، ويسخرون من أتْبَاعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ كبلالٍ ، وصُهَيْبٍ ، وابنِ مَسْعودٍ ، وغيرهم ، فذكر اللَّه قبيحَ فعلهم ، ونبه على خَفْض منزلتهم بقوله : { وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ، ومعنى الفوقيَّة هنا في الدرجَةِ والقَدْر ؛ ويحتمل أن يريد أنَّ نعيم المتَّقِينَ في الآخرة فوْقَ نعيمِ هؤلاءِ الآن . قُلْتُ : وحكى الداووديُّ عن قتادة : فوقهم يوم القيامة . قال : فَوْقَهُم في الجَنَّة . انتهى . ومهما ذكرتُ الداووديَّ في هذا « المختصر » ، فإِنما أريد أحمد بن نَصْرٍ الفقيهَ المَالِكِيَّ ، ومن تفسيره أنا أنقل . انتهى . فإِن تشوَّفَتْ نفسُك أيها الأخُ إِلى هذه الفوقيَّة ، ونَيْلِ هذه الدرجة العَليَّة ، فَٱرْفُضْ دنياك الدنيَّة ، وازهَدْ فيها بالكليَّة ؛ لتسلَمَ من كل آفة وبليَّة ، وٱقْتَدِ في ذلك بخَيْر البريَّهْ . قال عِيَاضٌ في « شِفَاهُ » : فانظُرْ - رحمك اللَّه - سِيرَةَ نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم وخُلُقَه في المال ، تجده قد أوتي خزائنَ الأرْض [ ومفاتيح البلاد ، وأُحلّت له الغنائم ، ولم تحلَّ لنبي قبله ، وفتح عليه في حياته صلى الله عليه وسلم بلاد الحجاز واليمن ؛ وجميع جزيرة العرب ، وما دانى ذلك من الشام والعراق ] ، وجُبِيَتْ إِلَيْه الأخماس ، [ وصدقاتها ما لا يجبى للملوك إِلاَّ بعضه ] ، وهادَتْه جماعةٌ من الملوك ، فما ٱستأْثَرَ بشيء من ذلك ، ولا أمْسَكَ دِرْهَماً منْه ، بل صرفه مصارفه ، وأغنَىٰ به غيره ، وقوَّىٰ به المسلمين ، ومات صلى الله عليه وسلم ، ودِرْعُهُ مرهُونَةٌ في نفقةِ عيَالِهِ ، وٱقتصر من نفقته ومَلْبَسِهِ علَىٰ ما تدْعُوه ضرُورتُهُ إِليه ، وزهد فيما سواه ، فكان - عليه السلام - يلبس مَا وَجَدَ ، فيلْبَسُ في الغالِبِ الشَّمْلَة ، والكساءَ الخَشِنَ ، والبُرْدَ الغليظَ . انتهى .