Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 253-254)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله سبحانه : { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ … } الآية : « تِلْكَ » : رفْعٌ بِالابتداءِ ، والرسُل : خبره ، ويجوز أنْ يكُونَ « الرُّسُلُ » عطْفَ بيانٍ ، و « فَضَّلْنَا » : الخبَر ، و « تِلْكَ » : إِشارة إِلى جماعة ، ونصَّ اللَّه سبحانه في هذه الآية علَىٰ تفضيل بعْض النَّبيِّين عَلَىٰ بعضٍ من غير تعْيين . وقوله تعالَىٰ : { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَـٰتٍ } : قال مجاهد وغيره : هي إِشارة إلى نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه بعث إِلى الناس كافَّة ، وأعطي الخُمُسَ الَّتي لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قبله ، وهو أعْظَمُ النَّاس أمَّةً ، وختم اللَّه به النبوَّات إِلى غير ذلك ممَّا أعطاه من الخُلُقِ العظيمِ ، ومِنْ معجزاتِهِ ، وباهرِ آياته ، ويَحْتَمِلُ اللفْظُ أن يراد به نبيُّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم وغيره ممَّن عظُمَتْ آياته ، وبيِّناتُ عيسَىٰ ـــ عليه السلام ـــ إِحياءُ الموتَىٰ ، وإِبراء الأكْمَه ، والأبْرَص ، وخَلْق الطَّيْر من الطِّين ، ورُوحُ القُدُسِ جبريلُ ـــ عليه السلام ـــ وقد تقدَّم ما قال العلماءُ فيه . وقوله تعالى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم … } الآية : معنى الآيةِ : ولو شاء اللَّه ما ٱقتتلَ النَّاس بعد كُلِّ نبيٍّ ، فمنهم مَنْ آمَنَ ، ومِنْهُمْ مَنْ كفر بغياً وحَسَداً ، وعلى حُطَامِ الدنيا ، وذلك كلُّه بقضاء ، وقَدَرٍ ، وإِرادةٍ من اللَّه سبحانه ، ولو شاء اللَّه خلافَ ذلك ، لكان ، ولكنَّه المستأْثِرُ بسرِّ الحكمة في ذلك ، وهو الفَعَّال لما يريد سبحانه . * ص * : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ } ، قيل : في الكلام حذْفٌ ، أي : فٱختلف أممهم ، فٱقتَتَلُوا ، ولو شاء اللَّهُ ، فمفعولُ « شَاءَ » محذوفٌ ، أي : « أَلاَّ يَقْتَتِلُوا » انتهى . وقوله : { مَا ٱقْتَتَلُواْ } ، أي : بأنْ قاتل المؤمنُونَ الكافرينَ علَىٰ مَرِّ الدهْر ، وذلك هو دفَاعُ اللَّه النَّاسَ بعضَهُم ببعض . قوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُم … } الآيةَ ، قال ابن جُرَيْج : هذه الآيةُ تجمعُ الزكاةَ والتطوُّع ، أي : وجميعَ وجوهِ البرِّ من سبيلٍ وصلةِ رحمٍ ، وهذا كلامٌ صحيحٌ ، لكن ما تقدَّم من الآيات في ذكْر القتَالِ يرجِّح أنَّ هذه النفقةَ في سَبيل اللَّه ، ويقوِّي ذلك قولُه : { وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } ، أي : فكافِحُوهم بالقتَالِ بالأنْفُس ، وإِنفاقِ الأموال ممَّا رزقْنَاكم ، وهذا غاية الإِنعام والتفضُّل منه سبحانه ؛ أنْ رَزَق ، ثم نَدَب للنفقةِ ممَّا به أنعم ، وحذَّر سبحانه من الإِمساك إِلى أنْ يأتي يَوْم لا يمكنُ فيه بيْعٌ ، ولا شراءٌ ، ولا ٱستدراكُ نفقةٍ في ذاتِ اللَّه تعالَىٰ ، إِذ هي مبايعةٌ إِذ البيعُ فديةٌ ؛ لأن المرء قد يشتري نفْسَه ، ومرادَهُ بماله ؛ فكأن معنى الآية أنْ لا فديةَ يوم القيامة ، ولا خُلَّةَ نافعة ، وأهل التقوَىٰ في ذلك اليَوْمِ بينهم خُلَّة ، ولكنَّه غير محتاج إِلَيْها . * ت * : وفي قوله : « غَيْر مُحْتَاجٍ إِلَيْهَا » قلقٌ ، ولا شفاعة يَومَئِذٍ إِلا لِمَنْ أذن له سبحانه ، فالمنفيُّ مثل حال الدُّنيا من البَيْع ، والخُلَّة ، والشَّفاعة ؛ بغير إِذْن المَشْفوع عنده ، قال عطاءُ بن دِينَار : الحَمْدُ للَّهِ الَّذي قال : { وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } ، ولم يقلْ : والظَّالمُونَ هم الكافرون .