Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 25-25)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ … } الآية . { بَشِّرْ } : مأخوذ من البَشَرَةِ ؛ لأن ما يبشر به الإنسان من خير أو شر يظهر عنه أثرٌ في بَشَرة الوجه ، والأغلب استعمال البِشَارة في الخير ، وقد تستعمل في الشر مقيَّدة به ؛ كما قال تعالى : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ التوبة : 34 ] ومتى أطلق لفظ البِشَارة ، فإِنما يحمل على الخير ، وفي قوله تعالى : { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } ردٌّ على من يقول : إِن لفظة الإِيمان بمجرَّدها تقتضي الطاعاتِ ؛ لأنه لو كان كذلك ، ما أعادها ، و { جَنَّـٰت } جمع جَنَّة ، وهي بستان الشجرِ والنخلِ ، وبستانُ الكَرْم ، يقال له الفِرْدَوسُ ، وروى النسائي عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " أَنَّ ثِيَابَ الجَنَّةِ تَشَقَّقُ عَنْهَا ثَمَرُ الجَنَّةِ " ، وروى الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنَّهُ قَالَ : " مَا فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلاَّ وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ " ، قال أبو عيسَىٰ : هذا حديث حسن . انتهى من « التَّذْكِرَةِ » . * ت * : وفي الباب عن ابن عبَّاس ، وجرِيرِ بن عبد اللَّهِ ، وغيرهما : وسمِّيتِ الجنةُ جنَّةً ؛ لأنها تجنُّ من دخلها ؛ أي : تستره ، ومنه المِجَنُّ ، وَالْجَنَنُ ، وجَنَّ اللَّيْلُ . و { مِنْ تَحْتِهَا } معناه من تحت الأشجار التي يتضمَّنها ذِكْر الجنة . * ت * : ومن أعظم البِشَارات أنَّ هذه الأمة هم ثلثا أهْلِ الجنَّة ، وقد خرَّج أبو بكر بن أبي شيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِنَّ أُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ ثُلُثَا أَهْلِ الجَنَّةِ ، إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ، وَإِنَّ أُمَّتِي مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُونَ صَفًّا " ، وخرَّج ابن ماجه والترمذيُّ عن بُرَيْدة بن حُصَيْب قال : قال رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " أَهْلُ الجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ؛ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ " ، قال أبو عيسَىٰ : هذا حديث حسن … انتهى من « التذْكرة » للقرطبيِّ . { والأنهارُ } : المياه في مجاريها المتطاولة الواسعَةِ ؛ مأخوذةٌ من أنْهَرْتُ ، أي : وسَّعت ؛ ومنه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ ٱسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَكُلُوهُ " ومعناه : ما وسع الذبح ؛ حتى جرى الدم كالنهْرِ ، ونسب الجري إِلى النهر ، وإِنما يجري الماء تجوُّزاً ؛ كما قال سبحانه : { وَٱسْأَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] وروي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد ؛ إِنما تجري على سطْح أرض الجنة منضبطةً . وقولهم : { هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ } : إِشارة إِلى الجنس ، أي : هذا من الجنس الذي رزقْنَا منه من قبل ، والكلام يحتمل أن يكون تعجباً منهم ، وهو قولُ ابنِ عَبَّاس ، ويحتمل أن يكون خَبَراً من بعضهم لبعْضٍ ؛ قاله جماعة من المفسِّرين ، وقال الحسنُ ، ومجاهدٌ : يرزقُونَ الثمرةَ ، ثم يرزقُونَ بعْدَها مثْلَ صورتها ، والطَّعْم مختلفٌ ، فهم يتعجَّبون لذلك ، ويخبر بعضهم بعضاً ، وقال ابن عبَّاس : ليس في الجنة شيْءٌ ممَّا في الدنيا سوى الأسماءِ ، وأما الذوات فمتباينة ، وقال بعض المتأوِّلين : المعنى أنهم يرون الثمر ، فيميزون أجناسه حين أشبه منظره ما كان في الدنيا ، فيقولون : هذا الذي رزقْنَا مِنْ قبل في الدنيا ، وقال قومٌ : إن ثمر الجنة إِذا قطف منه شيء ، خرج في الحين في موضعه مثله ، فهذا إِشارة إِلى الخارج في موضع المجني . وقوله تعالى : { مُّتَشَـٰبِهاً } قال ابن عباس وغيره : معناه يشبه بعضه بعضاً في المنظر ، ويختلف في الطعمِ ، و { أَزْوَٰجٌ } : جمع زوج ، ويقال في المرأة : زوجة ، والأول أشهر ، و { مُّطَهَّرَةٌ } : أبلغ من طَاهِرَة ، أي : مُطَهَّرة من الحَيْض ، والبُزَاق ، وسائر أقذار الآدميَّات ، والخلودُ : الدوامُ ، وخرَّج ابن ماجة عن أسامة بن زيد ؛ قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، ذَاتَ يَوْمٍ لأَِصْحَابِهِ : " « أَلاَ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ ؟ فَإِنَّ الجَنَّةَ لاَ خَطَرَ لَهَا ؛ هِيَ ، وَرَبِّ الكَعْبَةِ ، نُورٌ يَتَلأْلأُ ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ ، وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ ؛ وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامِ أَبَدٍ فِي حَبْرةٍ وَنَضْرَةٍ ، فِي دَارٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ » ، قَالُوا : نَحْنُ المُشَمِّرُونَ لَهَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : « قُولُوا : إِنْ شَاءَ اللَّهُ » ، ثُمَّ ذَكَرَ الْجِهَادَ وَحَضَّ عَلَيْهِ " انتهى من « التذْكرَةِ » . وقوله : لا خَطَرَ لها ؛ بفتح الطاء : قيل : معناه : لا عِوَضَ لها .