Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 26-29)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالَىٰ : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْىِ أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } : لما كان الجليلُ القدْرِ في الشاهد لا يمنعه من الخَوْضِ في نازل القوْلِ إِلا الحَيَاء من ذلكَ ، رَدَّ اللَّه بقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْىِ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا } ؛ على القائلين كيف يضرب اللَّه مثلاً بالذُّبَابِ ونحوه . واختلف في قوله تعالى : { يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } ، هل هو من قول الكافرين أو خبرٌ من اللَّه تعالَىٰ ؟ ولا خلاف أن قوله تعالَىٰ : { وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَـٰسِقِينَ } من قول اللَّه تعالَىٰ ، والفسْقُ : الخروجُ عن الشيء ، يقال : فَسَقَتِ الفَأْرَةُ ، إِذا خرجَتْ من جحرها ، والرُّطَبَةُ ، إِذا خرجَتْ من قِشْرها ، والفِسْقُ في عرف استعمال الشرْعِ : الخروجُ من طاعة اللَّه عزَّ وجلَّ بكُفْر أو عصيان . قوله تعالَىٰ : { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ } : النَّقْضُ : ردُّ ما أبرم على أوله غير مبرمٍ ، والعهدُ : في هذه الآية : التقدُّم في الشيء ، والوَصَاةُ به ، وظاهرٌ مما قبل وبعد أنه في جميع الكُفَّار . * ع * : وكل عهد جائزٌ بيْنَ المسلمين ، فنقضه لا يحلُّ بهذه الآية ، والخاسر الذي نَقَصَ نفسه حظَّها من الفلاحِ والفوزِ ، والخسرانُ النقْصُ ، كان في ميزانٍ أو غيره . قوله تعالى : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ } : هو تقريرٌ وتوبيخٌ ، أي : كيف تَكْفُرون ، ونعمه عليكم وقدرته هذه ، والواو في قوله : { وَكُنتُمْ } واو الحال . واختلف في قوله تعالَىٰ : { وَكُنتُمْ أَمْوَٰتًا … } الآية . فقال ابن عبَّاس ، وابن مسعود ، ومجاهد : المعنى : كنتم أمواتاً معدومِينَ قبل أن تخلقوا دارسين ؛ كما يقال للشيء الدَّارِسِ : ميِّت ، ثم خلقكم وأخرجكم إِلى الدنيا ، فأحياكم ، ثم يميتكم الموتَ المعهُودَ ، ثم ( يحييكم ) للبَعْثِ يوم القيامة ، وهذا التأويل هو أولَىٰ ما قيل ؛ لأنه هو الذي لا محيد للكفار عن الإِقرار به ، والضميرُ في « إِلَيْهِ » عائد على اللَّه تعالى ، أي : إلى ثوابه أو عقابه ، و { خَلَقَ } : معناه : اخترع ، وأوجد بعد العدمِ ، و { لَكُمْ } : معناه : لِلاِعتبار ؛ ويَدُلُّ عليه ما قبله وما بعده من نَصْب العِبَرِ : الإِحياء والإِماتة والاستواء إلى السماء وتسويتِها . وقوله تعالَىٰ : { ثُمَّ ٱسْتَوَى إِلَى ٱلسَّمَاءِ } : « ثُمَّ » هنا : لترتيب الأخبار ، لا لترتيب الأمر في نفسه ، و { ٱسْتَوَىٰ } : قال قومٌ : معناه : علا دون كَيْفٍ ، ولا تحديدٍ ، هذا اختيار الطبريِّ ، والتقديرُ : علا أمره وقدرته وسلطانه ، وقال ابن كَيْسَان : معناه : قصد إلى السماء . * ع * : أي : بخلقه ، واختراعه ، والقاعدةُ في هذه الآية ونحوها منع النّقْلَة وحلولِ الحوادثِ ، ويبقى استواءُ القدرةِ والسلطان . و { سَوَّاهُنَّ } : قيل : جعلهن سواءً ، وقيل : سوَّىٰ سطوحَهُنَّ بالإملاس ، وقال الثعلبيُّ : { فَسَوَّاهُنَّ } ، أي : خلقهن . انتهى . وهذه الآية تقتضي أن الأرض وما فيها خُلِقَ قبل السماء ، وذلك صحيحٌ ، ثم دحيت الأرض بعد خلق السماء ، وبهذا تتفق معاني الآيات هذه والتي في سورة « المُؤْمِنِ » ، وفي « النازعات » .