Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 55-66)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } يريد من الأَرض { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } أَيْ : بالموت ، والدفن . { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ } أيْ : بالبعث ليوم القيامة . وقوله : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا } إخبار لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم . وقوله { كُلَّهَا } عائد على الآيات التي رآها فرعون ، لا أنه رأى كلَّ آية للَّه عز وجل وإنما المعنى : أن اللَّه أراه آيات ما ؛ كاليد ، والعصا ، والطّمْسة ، وغير ذلك . وكانت رؤيتُه لهذه الآياتِ مستوعبة يرى الآياتِ كلَّها كاملةً . ومعنى { سُوىً } أَيْ : عَدْلاً ونصفَه ، أي : حالنا فيه مُستَوِيَة . وقالت فرقة : معناه مستوياً من الأرض ؛ لا وهْدَ فيه ، ولا نشز ، فقال موسَى : { موعدكم يوم الزينة } وروي . أَنَّ يوم الزينة كان عيداً لهم ، ويوماً مشهوراً . وقيل : هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم . وقوله : { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ } عطفاً على { ٱلزِّينَةِ } ؛ فهو في موضع خفض . { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ } أي : جمع السحرةَ ، وأمرهم بالاِسْتعدَادِ لموسى ، فهذا هو كيدُه . { ثُمَّ أَتَىٰ } فرعونُ بجمعه ، فقال موسى للسحرة : { وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } وهذه مُخَاطَبةُ مُحَذّر ، وندبَهم في هذه الآية إلى قول الحق إذا رأوه ، أَلاَّ يباهتوا بكذب ؛ { فَيُسْحِتَكُم } أيّ : فيهلككم ، ويذهبكم ، فلما سمع السَّحَرَةُ هذه المقالةَ ، هالهم هذا المنزع ، ووقع في نفوسهم من هَيْبتِه شديد الموقع . و { تَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } والتنازُعُ يقتضي ٱختلافاً كان بينهم في السرِّ ؛ فقائلٌ منهم يقول : هو محقٌّ ، وقائل يقول : هو مُبْطل ، ومعلوم أن جميع تناجيهم إنما كان في أمر موسى عليه السلام و { ٱلنَّجْوَىٰ } المسارة ، أي : كل واحد يناجي مَنْ يليه سِرّاً ؛ مخافةً من فرعون أن يتبين له فيهم ضعف . وقالت فرقة : إنما كان تناجِيهم بالآية التي بعد هذا . { إِنْ هَـٰذَانِ لَسَـٰحِرَٰنِ } قرأ نافعٌ ، وابنُ عامرٍ ، وحمزةُ والكسائيُّ : « إنَّ هذان لساحران » فقالت فرقةٌ : قوله : « إِن » بمعنى : نعم ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم إن الحمدُ للَّه ، برفع الحمد . وقالت فرقةٌ : إنّ هذه القراءةَ على لغةِ بَلْحَارِث بن كعْب ، وهي إبقاء ألف التثنية في حال النَّصْبِ ، والخِفْضِ ، وتُعْزىٰ هذه اللغة لكِنَانةَ ، وتُعْزى لخثْعَم . وقال الزجاج : في الكلام ضميرٌ تقديره : إنه هذان لساحران وقرأ أبو عَمْرو وَحْدَه : « إنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَانِ » . وقرأ ابنُ كثيرٍ : « إنْ هَذَانِّ لسَاحِرَانِّ » بتخفيف إنَّ ، وتشديد نون هذان لساحران . وقرأ حفصٌ عن عاصِمٍ : « إنْ » بالتخفيف « هَذَانِ » خفيفة أَيْضاً « لَسَاحِرَانِ » . وعبّر كَثيرٌ من المفسرين عن الطريقة بالسادة أهْل العَقْل والحِجَا ؛ وحكوا أن العرب تقول : فلانٌ طريقَةُ قومِه ، أيْ : سيدهم ، وإلا ظهر في الطريقة هنا أَنها السِّيرة ، والمملكة ، والحال الَّتي كانُوا عليها . و { المُثْلَىٰ } تأنِيث أَمثل ، أي : الفاضلة الحسنة . وقرأَ جمهورُ القرَّاء : « فأَجْمِعوا » : بقطْع الهمزة ، وكسْرِ الميم ؛ على معنى : ٱنفذُوا ، وٱعزِمُوا . وقرأ أو عمرو وَحْدَهُ « فَٱجْمَعُوا » من جمع ، أي : ضموا سِحْركم بعضه إلى بعض . وقوله { صفا } أي : مصطفين ، وتداعوا إلى هذا ؛ لأنه أهْيب ، وأظهر لهم ، { وأفْلَحَ } معناه : ظفر بِبُغْيَته ، وباقي الآية بيِّن مما تقدم .