Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 67-73)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { فَأَوْجَسَ } عبارة عما يعتري نفسَ الإنسان إذا وقع ظنّه في أمر على شَيْء يسوؤه ، وعبّر المفسرون عن أوْجَس بأضْمر ؛ وهذه العبارة أعمُّ من الوجيس بكثير . { إِنَّكَ أَنْتَ ٱلأَعْلَىٰ } أي الغالب ، وروي في قصص هذه الآية : أن فِرْعون ( لعنه اللَّه ) جلس في عِلّية له طولها ثمانون ذراعاً ، والناس تحته في بسيطٍ ، وجاء سَبْعُون ألف ساحرٍ ، فألْقوا مِنْ حبالهم وعِصِيّهم ما فيه وَقْرُ ثَلاَثِ مِئَةِ بعيرٍ ، فهال الأمر ، ثم إن موسى عليه السلام ألقى عَصَاهُ من يده ، فٱستحالت ثُعْباناً ، وجعلت تَنْمُو حتّىٰ روي أنها عبرت النهر بذَنَبِها ، وقيل : البحر ، وفرعونُ في هذا كلِّه يضحكُ ؛ ويرى أن الاسْتواءَ حاصلٌ ، ثم أَقبلتْ تأكل الحِبَال والعصِيّ حتى أفْنتها ، ثم فَغَرتْ فَاهَا نحو فرعون ؛ ففزع عند ذلك ؛ وٱستغاث بموسى ، فمد مُوسَى يده إليها ، فرجعت عصاً كما كانت ، فنظر السحرةُ ، وعلموا الحقَّ ، ورَأَوْا عدم الحبال والعصِيّ ؛ فأَيقَنُوا أَنّ الأمر من اللَّه عز وجل فآمنوا رضي اللَّه عنهم . وقوله سبحانه : { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ * قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } . قال * ص * : « في » على بابها ، وقِيلَ : بمعنى على . * ت * : والأول أصْوب . { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ } قوله : أَيُّنَا ؛ يريد نَفْسَهُ ، وربَّ موسى عليه السلام . وقال الطَّبَرِيُّ : يريد نفسه ، ومُوسى ، والأول أذهب مع مخرقة فرعون ، وباقي الآية بَيِّنٌ ، ثم قال السحرةُ لفرعون : { لَنْ نُؤْثِرَكَ } أيْ : لن نفضلك ، ونفضِّلَ السلامة مِنْك علىٰ ما رأينا مِنْ حُجَّة اللَّه تعالى ، وآياته وعليّ الذي فَطَرنا ، هذا على قول جماعةٍ : أَنَّ الواو في قوله { والَّذِي } : عاطفة . وقالت فرقةٌ : هي واو القسم ، { وفَطَرَنا } أيْ : خلقنا ، واخترعنا ، فٱفعل يا فرعونُ ما شِئْت ؛ وإنما قضاؤُك في هذه الحياة الدنيا ، والآخرةُ مِنْ وراء ذلك لنا بالنعيم ، ولك بالعذاب الأليم . وهؤلاءِ السحرةُ ٱختلف الناسُ : هل نفذ فيهم وَعِيدُ فرعون ، أم لا ؟ والأمر في ذلك محتمل . وقولهم : { وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } ردّ لقول فرعون : { أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } .