Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 80-82)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله عزوجل : { يٰبَنِي إِسْرٰءِيلَ قَدْ أَنجَيْنَـٰكُمْ … } الآية ، ظاهر هذه الآية : أنّ هذا القول قِيل لبني إسرائيل حينئذٍ عند حُلولِ النِّعم التي عددها اللّهُ عليهم ، ويحتمل أن تكون هذه المقالة خُوطِب بها مُعَاصِرُو النبي صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : هذا فِعْلُنا بأسلافكم ؛ وتكون الآيةُ على هذا اعتراضاً في أثناء قصة موسى ، والقصدُ به توبيخُ هؤلاء الحضور إذ لم يصبر سلفُهم على أداء شكر نعم اللّه تعالى ، والمعنى الأول أظهر وأبْين . وقوله سبحانه : { وَوَاعَدْنَـٰكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ … } الآية ، وقصص هذه الآية : أن اللّه تعالى لما أنجى بني إسرائيل ، وغرّق فرعون ، وعد بني إسرائيل أن يسيروا إلى جانب طور سينا ؛ ليكلم فيه موسى ، ويناجيه بما فيه صلاحهم ، فلما أخذوا في السير ، تعجل موسى عليه السلام ؛ ٱبتغاءَ مَرضَاةِ ربِّه ، حَسْبما يأتِي بعدُ . وقرأ جمهورُ الناس : « فيَحِلّ » بكسر الحاء ، « ويَحْلِلْ » بكسر اللام . وقرأ الكِسَائِيُّ وَحْدَه بضمهما ، ومعنى الأول : فيجب ، ويحقُّ ، ومعنى الثاني : فيقع وينزل ، و { هَوَىٰ } معناه : سقط أيْ : هَوَىٰ في جَهَنَّم ، وفي سخط اللّه - عافانا اللّه من ذلك - ، ثم رجَّىٰ سبحانه عباده بقوله : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ … } الآية , والتوبة من ذنب تصح مع الإقامة على غيره وهي توبة مفيدة وإذا تاب العبد ، ثم عَاوَدَ الذنب بعينه بعد مُدّة ؛ فيحتمل عند حُذَّاق أهل السنة : أَلاَّ يعيدَ اللّهُ تعالى عليه الذنبَ الأول ؛ لأن التوبةَ قد كانت محْتهُ ، ويُحتمل : أن يعيده ؛ لأنها توبةٌ لم يوف بها ، وٱضْطرب الناس في قوله سبحانه : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } من حيث وَجَدُوا الهُدَىٰ ضمن الإيمان والعمل ؛ فقالت فرقة : ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه . وقيلَ : غير هذا ، والذي يقوى في معنى : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } أن يكون : ثم حفظ معتقداتِه من أن تخالف الحق في شَيْء من الأَشياء ؛ فإن الاهتداءَ على هذا الوجه غيرُ الإيمان ، وغيرُ العَمَلِ ؛ وَرُبَّ مُؤْمِنٍ عمل صالحاً قد أوبقه عدم الاهْتداء ؛ كالقدرية والمُرْجِئة ، وسائر أهل البدع ، فمعنى : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } : ثم مشى في عقائد الشَّرْعِ على طريقٍ قَوِيم - جعلنا اللّه منهم بمنه - وفي حِفْظ المعتقَدَاتِ ينحصر معظم أمر الشرع .