Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 85-88)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِدْرِيسَ } المعنى : واذكر إسماعيلَ ، وقوله سبحانه : { وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِباً } التقدير واذكر ذا النون ، قال السُّهَيْلِيُّ : لما ذكر اللَّه تعالى يُونُسَ هنا في معرض الثناء ، قال : { وَذَا ٱلنُّونِ } ، وقال في الآية الأخرى : { وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ } [ القلم : 48 ] والمعنى واحدٌ ، ولكن بين اللفظين تفاوتٌ كثير في حسن الإشارة إلى الحالتين ، وتنزيلُ الكلام في الموضعين والإضافة بذي أشرف من الإضافة بصاحب ؛ لأنَّ قولك : ذو يضاف بها إلى التابع ، وصاحبُ يُضَافُ بها إلى المتبوع ، انتهى . والنون : الحوتُ ، والصاحب : يونس بن متى عليه السلام وهو نبيٌّ من أهل نَيْنَوَى . وقوله : { مُغَـٰضِباً } قيل : إنَّهُ غاضب قومه حين طال عليه أمرهم . وَتَعَنُّتُهُمْ ، فذهب فارّاً بنفسه ، وقد كان اللَّه تعالى أمره بملازمتهم والصبرِ على دعائهم ، فكان ذلك ذَنْبَه ، أي : في خروجه عن قومه بغير إذن ربه . قال عِيَاض : والصحيح في قوله تعالى : إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِباً » أَنَّهُ مُغَاضِبٌ لقومه ؛ لكفرهم ، وهو قول ابن عباس ، والضَّحَّاكِ وغيرهما ، لا لربه ؛ إذْ مغاضبة اللَّه تعالى معاداة له ، ومعاداةُ اللَّه كفر لا يليق بالمؤمنين ، فكيف بالأنبياء - عليهم السلام - ؟ ! وفرارُ يونس عليه السلام خشيةَ تكذيب قومه بما وعدهم به من العذاب . وقوله سبحانه : { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } معناه : أَنْ لن نضيق عليه ، وقيل : معناه : نقدر عليه ما أصابه ، وقد قُرِىء { نقَدِّرَ } عليه بالتشديد ، وذلك ، كما قيل لحسن ظَنِّهِ بربه : أَنه لا يقضى عليه بعقوبة ، وقال عياض في موضع آخر : وليس في قصة يونس عليه السلام نَصٌّ على ذنب ، وإنما فيها أَبَقَ وذهب مغاضباً ، وقد تكلمنا عليه ، وقيل : إنما نقم الله - تعالى - عليه خروجه عن قومه من نزول العذاب . وقيل : بل لَمَّا وعدهم العذابَ ، ثم عفا اللَّه عنهم ، قال : واللَّهِ لا ألقاهم بوجه كذَّابٍ أبداً ، وهذا كله ليس فيه نَصٌّ على معصية . انتهى . وقوله سبحانه : { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } . قالت فرقة : معناه : أنْ لن نضيف عليه في مذهبه ؛ من قوله تعالى : { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } [ الرعد : 26 ] ، وقرأ الزُّهْرِيُّ : « نُقَدِّرُ » بضم النون ، وفتح القاف ، وشَدِّ الدال ، ونحوه عن الحسن . وروي : أَنَّ يونس عليه السلام سجد في جوفِ الحوت حين سمع تسبيح الحيتان في قعر البحر . وقوله : { إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } : يريد فيما خالف فيه من تركِ ملازمة قومه والصبرِ عليهم ، وهذا أحسن الوجوه ، فاستجاب اللَّه له . * ت * وليس في هذه الكلمة ما يَدُلُّ أَنَّهُ اعترف بذنب ، كما أشار إليه بعضهم ، وفي الحديث الصحيح : " دَعْوَةُ أَخِي ذِي النُّونِ ، في بَطْنِ الْحُوتِ : { لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ ، إنِّي كُنْتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } ، مَا دَعَا بِهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ ـــ أَوْ قَالَ : مُسْلِمٌ ـــ ، إلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ " الحديث . انتهى . وعن سعد ابن مالك أَنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى : { لا إله إلاَّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } " أيُّما مُسْلِمٍ دَعَا بِهَا فِي مَرَضِهِ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فَمَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ ـــ أُعْطِيَ أَجْرَ شَهِيدٍ ، وإنْ بَرِىءَ وَقَدْ غَفَرَ اللّهُ لَهُ جَمِيعَ ذُنُوبِهِ " أخرجه الحاكم في « المستدرك » ، انتهى من « السلاح » . وذكر صاحب « السلاح » أيضاً عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ ، إذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ ، سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ؛ فَإنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيْءٍ قَطُّ إلاَّ اسْتَجَابَ اللّهُ تعالى لَهُ " رواه الترمذي ، واللفظ له , والنسائي والحاكم في « المستدرك » ، وقال : صحيح الإسناد ، وزاد فيه من طريق آخر : " فَقَالَ رَجُلٌ : يا رَسُولَ اللّهِ ، هَلْ كَانَتْ لِيُونُسَ خَاصَّةً ، أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : أَلاَ تَسْمَعُ إلَى قَوْلِ اللّهِ عز وجل : { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } " انتهى . والغم : ما كان ناله حين التقمه الحوت .