Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 15-19)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيّتُونَ } أي : بعد هذه الأحوال المذكورة ، ويريد بالسبع الطرائق : السمٰواتِ ، والطرائق : كُلِّ ما كان طبقاتٍ بعضه فوق بعض ؛ ومنه طارقت نعلي . ويجوزُ أَنْ تكونَ الطرائق بمعنى المَبْسُوطاتِ ؛ من طرقت الشيء . قلت : وقوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ … } الآية : ظاهر الآية أَنَّهُ ماءُ المطر ، وأسند أبو بكر ابن الخطيب في أول « تاريخ بغداد » عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ الجَنَّةِ إلَى الأَرْضِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ : سَيْحُونَ : وَهُو نَهْرُ الهِنْدِ ، وجَيْحُونَ : وَهُوَ نَهْرُ بَلْخَ ، ودِجْلَةَ والفُرَاتَ : وَهمَا نَهَرَا العِرَاقِ ، والنِّيلَ : وَهُوَ نَهْرُ مِصْرَ ، أَنْزَلَهَا اللّهُ تعالى مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُيُونِ الجَنَّةِ مِنْ أَسْفَلِ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِهَا عَلَى جَنَاحَيْ جِبْرِيلَ ، فَاسْتَوْدَعَهَا الجِبَال ، وَأَجْرَاهَا فِي الأَرْضِ ، وَجَعَلَ فِيهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ فِي أَصْنَافِ مَعَايِشِهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ } فَإذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، أَرْسَلَ اللّهُ تعالى جِبْرِيلَ فَرَفَعَ مِنَ الأَرْضِ القُرْآنَ ، وَالْعِلْمَ كُلَّهُ ، وَالْحَجَرَ مِنْ رُكْنِ البَيْتِ ، وَمَقَامَ إبْرَاهِيمَ ، وَتَابُوتَ مُوسَىٰ عليه السلام بما فِيهِ ، وَهَذِهِ الأَنْهَارَ الخَمْسَةَ ، فَيَرْفَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَى السَّمَاءِ ؛ فذلك قوله تعالى : { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ } ، فَإذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ مِنَ الأَرْضِ ، فَقَدَ أَهْلُهَا خَيْرَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا " وفي رواية : « خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ » . انتهى ، فَإنْ صَحَّ هذا الحديث ، فلا نظرَ لأحد معه ، ونقل ابن العربي في « أحكامه » هذا الحديثَ أيضاً عن ابن عباس وغيره ، ثم قال في آخره : وهذا جائز في القدرة إنْ صَحَّتْ به الرواية ، انتهى . قال * ع * : قوله تعالى : { مَاء بِقَدرٍ } قال بعض العلماء : أَراد المطر . وقال بعضهم : إنَّما أراد الأنهار الأربعة سيحان وجَيْحَانَ والفرات والنيل . قال * ع * : والصواب أَنَّ هذا كُلَّهُ داخل تحت الماء الذي أنزله الله تعالى . وقوله تعالى : { لَكُم فِيهَا فَوَٰكِهُ كَثِيرَةٌ } يحتمل : أنْ يعود الضمير على الجنات ؛ فيشمل أنواع الفواكه ، ويحتمل أَنْ يعود على النخيل والأعناب خاصَّةً ؛ إذ فيهما مراتبُ وأنواع ، والأَوَّلُ أعمُّ لسائر الثمرات .