Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 49-50)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني : التوراة ، و { لَعَلَّهُمْ } يريد : بني إسرائيل ؛ لأَنَّ التوراة إنَّما نزلت بعد هلاكِ فرعونَ والقِبْطِ ، والربوة : المُرْتَفِعُ من الأرض ، والقرار : التَّمَكُّنُ ، وَبَيِّنٌ أَنَّ ماء هذه الربوة يرى معيناً جارياً على وجه الأرض ؛ قاله ابن عباس ، والمعين : الظاهِرُ الجري للعينِ ، فالميم زائدة ، وهو الذي يُعَايَنُ جريُه ، لا كالبئرِ ونحوِهِ ، ويحتمل أن يكون من قولهم : معن الماء إذَا كَثُرَ ، وهذه الربوة هي الموضع الذي فَرَّتْ إليه مريمُ وقتَ وضع عيسى عليه السلام هذا قولُ بعضِ المفسرين ، واختلف الناسُ في موضع الربوة ، فقال ابن المُسَيِّبِ : هي الغُوطَةُ بدمشق وهذا أشهر الأقوال ؛ لأَنَّ صفة الغُوطَةِ أَنَّها ذات قرار ومعين على الكمال . وقال كَعْبُ الأَحْبَارِ : الربوة بيت المَقْدِسِ ، وزعم أَنَّ في التوراة أَنَّ بيتَ المقدس أَقْرَبُ الأرض إلى السماء وأَنَّهُ يزيد على الأرض ثمانية عشر ميلاً . قال * ع * : ويترجَّحُ : أَنَّ الربوة في بَيْتِ لَحْمٍ من بيت المقدس ؛ لأَنَّ ولادة عيسى هنالك كانت ، وحينئذٍ كان الإيواءُ ، وقال ٱبن العربيِّ في « أحكامه » : اختلف الناس في تعيين هذه الربوة على أقوال منها : ما تُفسِّرُ لغةً ومنها : ما تُفَسَّرُ نقلاً ، فيفتقر إلى صحة سندهِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلاَّ أَنَّ ها هنا نُكْتَةً ، وذلك أَنَّه إذا نُقِلَ لِلنَّاسِ نَقْلَ تواتر أَنَّ هذا موضِعُ كذا ، وأَنَّ هذا الأَمرَ جرى كذا ـــ وقع العلم به ، ولَزِمَ قبولهُ , لأَنَّ الخبر المتواتر ليس من شرطه الإِيمانُ ، وخبرَ الآحاد لا بدَّ من كون المُخْبِرِ به بصفة الإيمان ؛ لأَنَّهُ بمنزلة الشاهد ، والخَبَرَ المتواتر بمنزلة العيانِ ، وقد بَيَّنَا ذلك في « أصول الفقه » ، والذي شاهدتُ عليه الناسَ ورأيتهم يعينونه تعيينَ تواترٍ ـــ مَوْضِعٌ في سفح الجبل في غربيِّ دمشق ، انتهى ، وما ذكره : من أَنَّ التواتُرَ ليس من شرطه الإيمانُ هذا هو الصحيح ، وفيه خلاف إلاَّ أَنَّا لا نُسَلِّم أَنَّ هذا متواتر ؛ لاختلال شرطه ، انظر « المنتهى » لابن الحاجب .