Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 38-40)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { لِيَجْزِيَهُمُ } أي فعلوا ذلك ليجزيهم { أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } أي : ثواب أحسن ما عملوا ، ولمَّا ذكر تعالى حالة المؤمنين وتنويره قلوبَهم عَقَّبَ ذلك بذكر الكَفَرَةِ وأعمالهم ، فقال : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ } وهي جمع قاعٍ ، والقاع : المنخفض البساط من الأرض ، ويريد بـ { جَآءَهُ } : جاء موضعه الذي تَخَيَّلَهُ فيه ، ويحتمل أنْ يعودَ الضمير في : { جَآءَهُ } على السراب ثم يكون في الكلام بعد ذلك متروك يَدُلُّ عليه الظاهر تقديره : فكذلك الكافر يومَ القيامة ، يَظُنُّ عملَه نافعاً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً . وقوله : { وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ } أي بالمجازات الضمير في { عِندَهُ } عائد على العَمَلِ ، وباقي الآية وعيدٌ بَيِّنٌ . وقوله تعالى : { أَوْ كَظُلُمَـٰتٍ } عطف على قوله : { كَسَرَابٍ } وهذا المثال الأخير تضمن صفة أعمالهم في الدنيا ، أي أَنَّهم من الضلال في مثل هذه الظلمات المجتمعة من هذه الأشياء ، وذهب بَعْضُ الناس إلى أَنَّ في هذا المثالَ أجزاءً تقابل أجزاءً من المُمَثَّلِ به فقال : الظلمات : الأعمال الفاسدة والمُعْتَقَدَاتُ الباطلة ، والبحر اللُّجِّيُّ : صَدْرُ الكافر وقلبه ، واللجي معناه : ذو اللجة وهي مُعْظَمُ الماء وغَمْرُه ، واجتماع ما به أَشَدُّ لظلمته ، والموج : هو الضلال والجهالة التي قد غمرت قلبَه ، والسحاب هو شهوتُه في الكفر وإعراضه عن الإيمان . قال * ع * : وهذا التأويل سائغ وأَلاَّ يُقَدَّرُ هذا التقابل سائغ . وقوله : { إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَٰهَا } لفظ يقتضي مبالغةَ الظلمة ، واخْتُلِفَ في هذه اللفظة ، هل معناها أَنَّهُ لم يريده ألبتَّة ؟ أو المعنى أَنَّه رآها بعد عُسْرٍ وشِدَّةٍ وكاد أَلاَّ يراها ، ووجه ذلك أَنَّ « كاد » إذا صَحِبَهَا حرف النفي ، وَجبَ الفعل الذي بعدها ، وإذا لم يصحبها انتفى الفعل ، وكاد معناها : قارب . وقوله تعالى : { وَمَن لَمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } قالت فرقة : يريد في الدنيا ، أي : مَنْ لم يهده اللّه لم يَهْتَدِ ، وقالت فرقة : أراد في الآخرة ، أي : مَنْ لم يرحمه اللّه ويُنَوِّرُ حاله بالمغفرة والرحمة فلا رحمة له . قال * ع * : والأَوَّلُ أبينُ وأليق بلفظ الآية ، وأيضاً فذلك متلازم ، ونور الآخرة إنَّمَا هو لمن نُوِّرَ قلبه في الدنيا .