Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 30-34)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ } حكاية عن قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الدنيا وتشكِيْهِ ما يَلْقَى من قومه ؛ هذا قول الجمهور ، وهو الظاهر ، وقالت فرقة : هو حكاية عن قوله ذلك في الآخرة ، و { مَهْجُوراً } يحتمل : أَنْ يريدَ مُبْعَداً مقصيّاً من الهَجْر بفتح الهاء ، وهذا قول ابن زيد ، ويُحْتَمَلُ : أَنْ يريدَ مقولاً فيه الهُجْرُ ـــ بضم الهاء ؛ ـــ إشارة إلى قولهم : شعر وكهانة ونحوه ؛ قاله مجاهد . قال * ع * : وقول ابن زيد مُنَبِّهٌ للمؤمن على مُلازمة المُصْحَفِ ، وأَلاَّ يكون الغبارُ يعلوه في البيوت ، ويشتغلَ بغيره ، وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَنْ عَلَّقَ مُصْحَفاً ، ولَمْ يَتَعَاهَدْهُ ـــ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ مُتَعَلِّقاً بِهِ يَقُولُ : يَا ربِّ ، هَذَا اتَّخَذَنِي مَهْجُوراً ؛ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ " وفي حلية النووي قال : وروينا في سنن أبي داود ومُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ عن سعد بن عُبَادَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال : " لمَنْ قَرَأَ القُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ ، لَقِيَ اللّه تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ أَجْذَمَ " ، وروينا في كتاب أبي دَاودَ والترمذيِّ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ ، وعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْباً أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَو آيَةٍ أُوتِيها رَجُلٌ ثم نَسِيَهَا " تكلم الترمذي فيه ، انتهى ، ثم سَلاَّه تعالى عن فعل قومه بقوله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي : فاصبر كما صبروا ؛ قاله ابن عباس ، ثم وعد تعالى بقوله : { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } والباء في { بِرَبِّكَ } : للتأكيد دَالَّةٌ على الأمر ؛ إذ المعنى : اكتفِ بربك . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } قال ابن عباس وغيره : قالوا في بعض معارضاتهم : لو كان من عند اللّه لنزل جُمْلَةً كالتوراة والإنجيل . وقوله : { كَذَٰلِكَ } يحتمل أَنْ يكونَ من قول الكُفَّارِ ؛ إشارةً إلى التوراة والإنجيل ، ويحتمل أَنْ يكون من الكلام المستأنف وهو أولى ، ومعناه : كما نُزِّل أردناه ، فالإشارة إلى نزوله مُتَفَرِّقاً ، والترتيل : التفريق بين الشيء المتتابع ، ومنه تَرْتِيلُ القرآن ، وجعل اللّه تعالى السبب في نزوله متفرقاً تثبيتَ قلب نَبِيِّهِ محمد صلى الله عليه وسلم وأَنْ ينزله في النوازل والحوادث التي قد قَدَّرَهَا وَقَدَّرَ نزوله فيها ، وأَنَّ هؤلاءِ الكفرة لا يجيئون بمثل يضربونه على جهة المعارضة منهم إلاَّ جاء القرآن بالحَقِّ في ذلك والجلية ، ثم هو أحسن تفسيراً ، وأفصح بياناً ، وباقي الآية بَيِّنٌ تقدم تفسير نظيره ، والجمهور : أَنَّ هذا المشي على الوجوه حقيقة ، وقد جاء كذلك في الحديث ، وقد تقدَّمَ ولفظ البخاريِّ عن أنس رضي اللّه عنه : أَنَّ رَجُلاَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللّه ، أَيُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قال : " أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ في الدُّنْيَا قَادِراً عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ " قال قتادة : بلى وَعِزَّةِ رَبِّنَا ، انتهى .