Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 19-24)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقولُه تَعَالَى : { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّنْ قَولِهَا } التبسمُ هو ضِحْكُ الأنبيَاءِ في غالِبِ أمْرهم ؛ لا يَليقُ بهم سِوَاهُ ، وكان تَبَسُّمُه سروراً بنعمَةِ اللّه تَعالى عَلَيهِ في إسماعِهِ وتفهيمهِ . وفي قول النملة : { وهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } ثناءٌ على سليمانَ وجنودِه يتضمنُ تنزيهِهم عن تعمدِ القبيحِ . ثم دعا سليمانُ عليه السلام ربَّه أنْ يُعينَه ويُفَرِّغَهُ لشُكرِ نعمتهِ ، وهذا معنى إيزاعِ الشُّكرِ ، وقال الثعلبيُّ وغيرَه : « أوزِعْنِي » معناه : ألهِمْنِي ، وكذلك قال العِرَاقِيَّ : { أَوزِعْنِي } ألهِمْني ، انتهى . وقوله تعالى : { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ … } الآية ، قالت فرقةٌ : ذلك بحسْبِ ما تقتَضِيه العنايةُ بالمَمْلَكَةِ والتَّهمُّمِ بكل جُزْءٍ منها ، وهذا ظاهر الآيةِ أنَّه تَفَقَّدَ جميعَ الطيرِ ، وقالت فِرقةٌ : بل تَفَقَّدَ الطيرَ ؛ لأَنَّ الشَّمْسَ دَخَلَتْ مِنْ مَوضِعِ الهُدْهُدِ ؛ فكان ذلك سببَ تفقدِ الطيرِ ؛ ليَبِينَ مِنْ أين دَخَلَتِ الشمسُ ، وقال عبدُ اللّهِ بن سلاَم : إنما طلبَ الهدهدَ ؛ لأنه احتاجَ إلى معرفةِ الماءِ ؛ على كَم هو مِنْ وَجهِ الأرضِ ؛ لأنه كانَ نَزَلَ في مفازةٍ عَدِمَ فيها الماءَ ، وأن الهُدْهُدَ كان يَرَى بَاطِنَ الأرضِ وظاهرَها ؛ فكان يخبرُ سليمانَ بموضع الماءِ ، ثم كانتِ الجنُّ تُخْرجُه في ساعةٍ ، وقيل غير هذا ؛ واللّه أعلم بما صح من ذلك . ثم توعد ـــ عليه السلام ـــ الهدهدَ بالعذابِ ، فروي عن ابن عباس وغيره : أن تعذيبَه للطير كانَ بنتفِ ريشِه . والسلطانُ : الحجةُ ؛ حيث وقع في القرآن العظيم ؛ قاله ابن عباس . وفعلَ سليمانُ هذا بالهدهدِ إغلاظاً على العاصينَ ؛ وعِقَاباً على إخلاله بنبوته ورتبته ، والضميرُ في { مكث } يحتملُ أن يكونَ لسليمانَ أو للهدهدِ ، وفي قراءة ابن مسعود « فتمكث ثم جاء فقال » وفي قراءة أُبَيِّ « فتمكث ثم قال أحطت » . * ت * : وهاتان القراءتان تُبَيِّنَانِ أن الضميرَ في « مكث » للهدهدِ ؛ وهو الظاهرُ أيضاً في قراءة الجماعة ، ومعنى { مكثَ } : أقامَ . وقوله : { غَيْرَ بَعِيدٍ } يعني : في الزمن . وقوله : { أَحَطتُ } أي : عَلِمْتُ . وقرأ الجمهورُ « سبأٍ » بالصرف على أنه اسمُ رجلٍ ؛ وبه جاء الحديثِ عن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ من حديث فروةَ بن مسيك وغيره ، سُئِلَ عليه السلامُ عَنْ سَبَإٍ فَقَالَ : " كَانَ رَجُلاً لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ تَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَ أرْبَعَة " ورواه الترمذي من طريقِ فروة بن مُسَيْك . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو « سَبَأَ » ـــ بفتح الهَمْزَةِ وتَرْكِ الصَّرْف ؛ ـــ على أنه اسمُ بَلْدَةِ ؛ وقاله الحسن وقتادة . وقوله : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } أي : مما تحتاجُه المملكةُ ، قال الحسن : من كل أمر الدنيا ، وهذه المرأةُ هي « بلقيس » ، وَوَصَفَ عرشَها بالعِظَم في الهيئةِ ورتبةِ المُلْكِ ، وأكثَرَ بَعضِ النَّاسِ في قصَصها بما رأيتُ اختصارَه ؛ لعدَمِ صحَّتِه ، وإنما اللازم من الآية : أنها امرأةٌ مَلِكَةٌ عَلى مدائنَ اليمن ، ذاتُ مُلْكٍ عظِيم ، وكانتْ كافرةً من قومٍ كفارٍ .