Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 25-28)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَاءٍ … } الآية : في هذا الموضِع اختصارٌ يدلُّ عليه الظاهرُ ، قدَّرَهُ ابنُ إسحاقٍ : فذهبتا إلى أبيهما فأخبرتاه بما كان من الرجل ، فأمر إحدى ابنَتَيْه أنْ تدعوَه له ، فجاءته ، على ما في الآية . وقوله : { عَلَى ٱسْتِحْيَاءٍ } أي : خَفِرَةٍ ، قد سَتَرَتْ وَجْهَهَا بِكُمِّ دِرْعِها ؛ قاله عمر بن الخطاب ـــ رضي اللّه عنه ـــ . ورَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هريرةَ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " الْحَيَاءُ مِنَ الإيمَانُ فِي الجَنَّةِ ، والبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ ؛ والجَفَاءُ فِي النَّارِ " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ؛ انتهى . والجمهورُ أن الداعِيَ لموسَى ـــ عليه السلامُ ـــ هو شُعَيْبُ عليه السلام وأن المرأتينْ ابنتَاه . فـ { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ … } الآية ، فَقَام يَتْبعُهَا فَهَبَّتْ رِيحٌ ضَمَّتْ قَمِيصَها إلى بَدَنِهَا فَتَحَرَّجَ مُوسَى عليه السلام من النظر إليها فقال امشي خلفي وأرشديني إلى الطرق فَفَهِمَتْ عَنْهُ ؛ فذلك سَبَبُ وَصْفِهَا له بِالأَمَانَةِ ؛ قاله ابن عباس . { فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ } فآنسَه بقَولهِ : { لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } فلما فَرَغ كلامُهُمَا قالت إحدى الابنتيْنِ { يَٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } فقال لها أبوها : ومن أين عَرَفْتِ هذا منه ؟ قالت : أَمّا قوتُه فَفِي رفعِ الصَّخْرَةِ ، وأمّا أمَانَتُهُ فَفِي تَحَرُّجِه عَنِ النَّظَرِ إلَيَّ ؛ قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد وغيرهم ، فقال له الأَبُ عند ذلك : { إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ … } الآية ، قال ابن العربي : فِي « أحْكَامِهِ » قوله : { إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ } يدلُّ على أنه عَرْضٌ لاَ عَقْدٌ ؛ لأنه لو كان عَقْداً ، لعَيَّن المعقودَ عَلَيْهَا ؛ لأن العلماءَ وإنْ اخْتَلَفُوا في جوازِ البيعِ ، إذَ قَال له : بعتُكَ أَحَدَ عَبْدَيَّ هذينِ بثَمَنِ كذا ، فإنهم اتَّفَقُوا على أن ذلكَ لاَ يجُوزُ في النكاحَ ؛ لأنه خيارٌ وشَيْءٌ مِن الخيارِ لاَ يُلْحَقَ بالنِّكَاحِ . ورُوِي أنه قال شعيبٌ : أَيَّتُهما تُرِيد ؟ قال : الصغرى ، انتهى . « وتَأجَر » معناه : تُثِيبُ وجَعَلَ شعيبُ الثمانيةَ الأعوامَ شَرْطاً وَوَكَلَ العَامَيْنِ إلى المُرُوءَةِ ، ولما فَرَغَ كلامُ شُعَيْبٍ قَرَّره موسَى ؛ وكَرَّرَ معناه على جهة التوثقِ في أن الشَّرط إنما وقع في ثمانِ حججٍ ، و { أيما } استفهامٌ نُصِبَ بـ { قَضَيْتَ } و « ما » صلةٌ للتَّأكِيد و « لا عدوان » لاتِبَاعَةَ عَلَيَّ ، و « الوكيل » : الشَّاهدُ القائمُ بالأمر .