Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 51-60)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ … } الآية ؛ الذينَ وصَّلَ لَهُمُ القَوْلَ : همْ قريشٌ ؛ قاله مجاهد وغيره ، قال الجمهورُ : والمعنى : وَاصَلْنَا لهم في القرآن ، وتابعناه موصولاً بعضُه ببعضٍ في المواعظ والزواجر ، والدعاء ، إلى الإسلام . وذهبت فرقةٌ إلى : أنَّ الإشارة بتوصيلِ القولِ إنما هي إلى الألفاظ ، فالمعنى : ولقد وصَّلنا لهم قَوْلاً مُعْجِزاً دالاًّ على نُبُوءَتِكَ . قال * ع * : والمعنى الأولُ تقديره : ولقد وصلنا لهم قولاً يَتَضَمَّنُ معان ؛ مَنْ تَدَبَّرَهَا اهْتَدَى . ثم ذكر ـــ تعالى ـــ القومَ الذينَ آمنوا بمحمدٍ مِنْ أهلِ الكتاب مُبَاهِياً بهم قريشاً . واختُلِفَ في تَعيينهم فقال الزهري : الإشَارَةُ : إلى النَّجَاشِيِّ . وقيل : إلى سلمان ، وابن سلام ، وأسند الطبريُّ إلى رفاعة القرظي ، قال : نزلت هذه الآيةُ في اليهود في عَشْرَةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ ، أَسْلَمْنَا فَأُوذِينَا ؛ فنزلت فينا هذه الآية . والضَّمِيرُ فِي { قبله } يعودُ على القرآن . و { أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } معناه : على مِلَّتَيْنِ ؛ وهذا المعنى هو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم " ثَلاَثَةٌ يُؤْتُونَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ ؛ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمن بِنَبِيِّهِ وآمن بِيَّ … " الحديث . و { يَدْرَءُونَ } معناه : يَدْفَعُونَ ؛ وهذا وصفٌ لمكَارِمِ الأخلاقَ ، أي : يتغابون ومن قال لهم سوءًا لاَ يَنُوهُ وقَابَلُوهُ من القول الحسِن بما يَدْفَعُه ، واللغْوُ سَقَطُ القولِ ، والقولُ يَسْقُط لوجوهٍ يَعِزُّ حَصْرُها ، والمرادُ منه في الآيةِ : ما كان سبّاً وأذًى ونحوَه ؛ فأدبُ الإسلام الإعراضُ عنه . و { سَلاَمٌ } في هذا الموضِع قُصِدَ به المَتَارَكةُ لا التَّحِيَّةُ . قال الزَّجاج : وهذا قبلَ الأمر بالقِتَال ، و { لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَـٰهِلِينَ } معناه : لا نَطْلُبُهُمْ للجِدَالِ والمراجعة والمشاتمة . * ت * : قال ابن المباركِ في « رقائقه » : أخبرنا حبيبُ بنُ حجر القيسي ، قال : كان يقال : ما أحْسَنَ الإِيمَانَ يَزِينُه العلمُ ، وما أحْسَنَ العِلمَ يَزِينُه العَمَلُ ، وما أَحْسَنَ العَمَلَ يَزِينُه الرِّفْقُ ، وَما أضفت إلى شَيء ، مِثْلَ حِلْمٍ إلى عِلْمٍ ، انتهى . وأجْمَعَ جُلُّ المفسرينَ على أنَّ قولَه تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } إنما نَزَلَتْ في شَأْنِ أَبي طالب ، فَرَوى أبو هريرةَ وغيرُه " أن النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ ، فَقَالَ لَهُ : أَيْ عَمٍّ ، قُلْ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ، كَلِمَةً أشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللّهِ … " الحديثُ قد ذَكَرناه في سورة : « براءَة » ، فَماتَ أبو طالبٍ على كُفْرِه ، فَنَزَلَتْ هذه الآيةُ فيه . قالَ أبو روق : قوله تعالى : { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } إشارة إلى العباسِ ، والضميرُ في قوله { وَقَالوا } لقريش . قال ابن عباس : والمُتَكَلِّمُ بذلك فيهم الحارثُ بن نوفَلِ ، وحكى الثعلبيُّ أنه قالَ له : إنا لنعلم أن الذي تقولُ حَقٌّ وَلَكِنْ إن اتبَعْنَاكَ تَخَطَّفَتْنَا العربُ . و { تُجْبى } : معناه : تُجْمَعُ وتُجْلَبُ . وقوله : { كُلِّ شَيْءٍ } يريد مما به صلاحُ حالهِم ، ثم توعَّدَ قريشاً بقوله { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ } و { بَطِرَتْ } معناه : سَفِهَت وأشِرَتْ وطَغَتْ ؛ قاله ابن زيد وغيره . * ت * : قالَ الهروي : قولُه تعالى : { بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } ، أي : في مَعِيْشَتِهَا ، والبَطَرُ : الطغيانُ عند النِّعمةِ ، انتهى . ثم أحالَهُم على الاعتبارِ في خَرَابِ دِيار الأُمَمِ المُهْلَكَةِ كَحِجْرِ ثَمُودَ ، وغيرِه . ثُمَّ خَاطبَ تعالَى قريشاً مُحقِّراً لما كانوا يَفتَخِرُونَ به من مالٍ وبنينَ ، وأَنَّ ذلك متاعُ الدنْيَا الفانِي ، وأنَّ الآخرةَ وَمَا فِيهَا من النَّعِيمِ الذي أعدَّهُ اللّهُ للمؤمِنِينَ خيْرٌ وأبقى . * ت * : وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَىٰ كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةً " رواه الترمذيُّ من طريق سهل بن سعد ، قال : وفي البابِ عن أبي هريرة ، قال أبو عيسى : هذا حديثٌ صحيح ، انتهى . وباقي الآيةِ بَيّنٌ لِمَنْ أبْصَرَ واهْتَدَى ، جَعَلَنا اللّهُ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ .