Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 123-125)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ … } لمَّا أمر اللَّه سبحانه بالتوكُّل عليه ، ذَكَّر بأَمْر بَدْرٍ الذي كان ثَمَرَتُهُ التوكُّلَ عَلَى اللَّه سبحانه ، والثِّقَةَ به . وقوله سبحانه : { وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ } : معناه : قليلون ، وٱسْمُ الذُّلِّ في هذا الموضع : مستعارٌ ؛ إذ نسبتهم إلى عدوِّهم ، وإلى جميعِ الكفَّار في أقطار الأرض تَقْتَضِي عند المتأمِّل ذِلَّتَهُمْ ، وأنهم مغلوبُونَ ؛ رَوَى ٱبْنُ عمرو " أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : « اللَّهُمَّ ، إنَّهُمْ حُفَاةٌ ، فَٱحْمِلْهُم ، اللَّهُمَّ إنَّهُمْ عُرَاةٌ ، فَٱكْسُهُم ، اللَّهُمَّ ، إنَّهُمْ جِيَاعٌ ، فَأَشْبِعْهُمْ » ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ ، فَٱنْقَلَبُوا حِينَ ٱنْقَلَبُوا ، وَمَا فِيهِمْ رجُلٌ إلاَّ قَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أوْ جمَلَيْنِ ، وَٱكْتَسَوْا ، وَشَبِعُوا " رواه أبو داود ، والحاكمُ في « المستدرك على الصَّحيحَيْن » ، واللفظ له ، وقال : صحيحٌ على شرط الشيخَيْن . اهـــ من « السلاح » . وقوله سبحانه : { إِذْ تَقُولُ } : العاملُ في « إذ » فعلٌ مضمرٌ ، ويحتملُ أنْ يكون العاملُ « نَصَرَكُمْ » ، وعلَىٰ هذا قولُ الجمهورِ ؛ أَنَّ هذا القولَ مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ ببَدْرٍ ، قال ابنُ عبَّاس : لم تقاتِلِ الملائكةُ في يَوْمٍ من الأيامِ إلا يَوْمَ بَدْرٍ ، وكانوا يكونون في سائرِ الأيام عدَداً ومَدداً لا يَضْرِبُون ، قال الشَّعْبِيُّ : وهم يحضرون حروبَ المُسْلمين إلى يَوْمِ القيامة ، وقال قتادة : أمد اللَّه المؤمنين يَوْمَ بَدْر بخَمْسَة آلاف ، قال عِكْرِمَةُ : كان الوعْدُ يوْمَ بدرٍ ، فلم يصْبروا يَوْمَ أُحُدٍ ، ولا ٱتقَوْا ، فلم يُمَدُّوا ، ولَوْ مُدُّوا ، لَمْ يهزموا ، وقال الضَّحَّاك ، وابنُ زيدٍ : إنما كان هذا الوعدُ والمقالة للمؤمنين يوم أحُدٍ ، ففَرَّ الناس ، ووَلَّوْا مدبرين ، فلم يمدَّهم اللَّه ، وإنما مُدَّوا يوم بدر بألفٍ من الملائكة مُرْدِفِينَ ، والفَوْرُ : النهوضُ المُسْرِعُ إلى الشيء ؛ مأخوذ من فَوْرِ القِدْرِ ، والماءِ ونحوِهِ ؛ ومنْه : الفَوْرُ في الحَجِّ والوُضُوءِ و { مُسَوِّمِينَ } : معناه : مُعْلِمِينَ بعَلاَماتٍ ، وروي أنَّ الملائكةَ أَعْلَمَتْ يَوْمَ بَدْرٍ بعمائمَ بِيضٍ إلاَّ جِبْرِيل ؛ فإنه كان بِعَمَامَةٍ صَفْرَاءَ علَىٰ مثالِ عَمَامَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ ، وروي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ للمسلمينَ يَوْمَ بَدْرٍ : " سُوِّمُوا ؛ فَإنَّ المَلاَئِكَةَ قَدْ سَوَّمَتْ " .