Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 164-165)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ … } الآية : اللامُ في « لَقَدْ » : لام القسم ، « ومَنَّ » في هذه الآية : معناه : تطوَّل وتفضَّل سبحانه ، وقد يقال : « مَنَّ » بمعنى كَدَّرَ مَعْرُوفَهُ بالذِّكْرِ ، فهي لفظةٌ مشتركة ، وقوله : { مِّنْ أَنفُسِهِمْ } ، أي : في الجنْسِ ، واللسانِ ، والمُجَاورةِ ، فكونه مِنَ الجنْسِ يوجبُ الأنْسَ به ، وكونُه بِلِسانِهِمْ يوجِبُ حُسْنَ التفهيم ، وكونُه جَاراً ورَبِيًّا يوجِبُ التصديقَ والطُّمأنينة ؛ إذ قد خَبَرُوه وعَرَفُوا صِدْقَه وأمانته ، ثم وقَف اللَّه سبْحانه المؤمنين عَلَى الخَطَإ في قَلَقِهِمْ للمُصِيبة الَّتي نزلَتْ بهم ، وإعراضهم عمَّا نَزَلَ بالكُفَّار ، فقال : { أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } ، أي : يوم أُحُدٍ { قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا } ، أيْ : يوم بَدْر ؛ إذ قتل من الكُفَّار سبعون ، وأسر سَبْعُون ، هذا تفْسِيرُ ابنِ عَبَّاس ، والجمهورِ . وقال الزَّجَّاج : وَاحِدُ المِثْلَيْن : هو قتْلُ السبعينَ يَوْمَ بَدْر ، والثاني : هو قتل ٱثْنَيْنِ وعشرين يَوْمَ أحد ، ولا مَدْخَل للأسْرَىٰ ؛ لأنهم قد فُدُوا . و { أَنَّىٰ } : معناها : كَيْفَ ، وَمِنْ أَيْنَ ، { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } ، أي : حين خالفتم النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الرأْيِ حينَ رأَىٰ أنْ يقيمَ بالمَدينة ، ويترك الكُفَّار بَشَّر مَحْبِسٍ ، فأبيتم إلا الخُرُوجِ ، وهذا هو تأويلُ الجمهور ، وقالَتْ طائفة : { هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } : إشارةٌ إلى عصيانِ الرُّمَاة ، وتسبيبهم الهَزيمة عَلَى المؤمنين ، وقال عليٌّ والحَسَن : بل ذلك لِمَا قَبِلُوا الفِدَاءَ يَوْمَ بدر ؛ وذلك أنَّ اللَّه سبحانه أخبرهم علَىٰ لسانِ نبيِّه بَيْنَ قَتْل الأسْرَىٰ أو يأخذوا الفِدَاءَ علَىٰ أنْ يُقْتَلَ منْهم عدَّة الأسْرَىٰ ، فٱختاروا أَخْذَ الفدَاءِ ، ورَضُوا بالشَّهَادةِ ، فقُتِلَ منهم يوْمَ أحدٍ سَبْعُونَ ، قلْتُ : وهذا الحديثُ رواه الترمذيُّ عنْ عليٍّ ( رضي اللَّه عنه ) ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أحمدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُودِيُّ : وعَنِ الضَّحَّاك : { أَنَّىٰ هَـٰذَا } ، أيْ : بأيِّ ذنب هذا ؟ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ : { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } عقوبةً لمعصيتكم لنبيِّكم ـــ عليه السلام ـــ . انتهى .