Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 52-55)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَاءُ مِن بَعْدُ } قيل كما قدمنا : إنها حظَرَتْ عليه النساءَ إلا التسْعَ وما عُطِفَ عَليهِنَّ ؛ على ما تقدم لابن عباس وغيره ، قال ابن عباس وقتادة ؛ جَازَاهُنَّ اللّه بذلك ، لما اخترنَ اللّه وَرسوله ، ومن قال : بأن الإباحَةَ كانتْ له مُطْلَقَةً قَال هنا : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَاء } معناه : لا يحل لك اليهودياتُ ولا النصرانياتُ ، ولا ينبغي أن يكنَّ أمهاتِ المؤمنين ؛ ورُوِيَ هذَا عَن مجاهدَ وكذلك قَدَّرَ ولا أن تبدل اليهودياتِ والنصرانياتِ بالمسلماتِ ؛ وهو قول أبي رزين وابن جبير وفيه بُعْدٌ . وقوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَـٰظِرِينَ إِنَـٰهُ } هذهِ الآيةُ تُضمنتُ قِصَّتَيْنِ : إحداهما : الأدبُ في أمر الطَّعَامِ والجلوسِ ، والثانيةُ : أمرُ الحجَاب . قال الجمهور : سببُها أن النّبي صلى الله عليه وسلم لما تزوَّج زَيْنبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، أَوْ لَمْ عَلَيْها ؛ ودَعَا النَّاسَ ، فَلَمَّا طَعِمُوا ، قَعَدَ نَفَرٌ فِي طَائِفَةٍ مِنَ البَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ ، فَثَقُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَانُهُمْ ، فَخَرَجَ ؛ لِيَخْرُجُوا بِخُرُوجِهِ ، وَمَرَّ عَلَىٰ حِجْرِ نِسَائِهِ ، ثُمَّ عَادَ فَوَجَدَهُمْ فِي مَكَانِهِمْ ، وَزَيْنَبُ فِي البَيْتِ مَعَهُمْ ، فَلَمَّا دَخَلَ وَرَآهُمُ ، انْصَرَفَ ، فَخَرَجُوا عِنْدَ ذَلِكَ ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : فَأُعْلِمَ أَوْ أَعْلَمْتُهُ بِٱنْصِرَافِهمْ ، فَجَاءَ ، فَلَمَّا وَصَلَ الحُجْرَةَ ، أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ؛ وَدَخَلَ ، وَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ بِسَبَبِ ذَلِكَ . قال إسماعيل بن أبي حكيم : هذا أَدَّبَ اللّه به الثُّقَلاء ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ وجماعةٌ : سببُ الحِجَابِ : كلامُ عُمَر للنبي صلى الله عليه وسلم مراراً في أن يَحجُبَ نساءَه ، و { نَٰظِرِينَ } معناه : مُنتَظِرينَ ، و { إِنَـٰهُ } : مصدر « أنى » الشيءَ يَأْنِي أنيْ ، إذا فَرَغَ وحَانَ ، ولفظُ البخاري يُقَال : إناه : إدراكُه أنى يأنى إناءة ، انتهى . وقوله تعالى : { وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِ مِنَ ٱلْحَقِّ } معناه : لا يقع منه تركُ الحق ، ولما كان ذلك يقعُ من البشر لِعلةِ الاسْتِحياءِ ؛ نَفَى عنه تعالى العلةَ الموجِبةَ لذلكَ في البشر ، وعن ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثٌ لاَ يحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ ؛ لاَ يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْماً ؛ فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ ؛ فَإنْ فَعَلَ ، فَقَدْ خَانهُمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ ؛ قَبْلَ أنْ يَسْتَأْذِنَ ؛ فَإنْ فَعَلَ ، فَقَدْ خَانَ ، وَلاَ يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّىٰ يَتَخَفَّفُ " رواه أبو داود واللفظ له ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال الترمذي : حديثٌ حسنٌ ، ورواه أبو داود أيضاً من حديث أبي هريرة ، انتهى من « السلاح » . وقوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَـٰعاً … } الآية ، هي آية الحجَابِ ، والمتَاعُ عام في جميع ما يمكن أن يُطْلَب من المَواعِينِ وَسائر المرَافِق ، وباقي الآية بيِّنٌ . وقد تقدَّم في سورة النور طَرْفٌ من بَيَانِه فَأَغْنَى عن إعادته .