Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 56-59)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ … } الآية ، تضمَّنَتْ شَرَفَ النّبي صلى الله عليه وسلم وعظيمَ منزلتِه عندَ اللّهِ تَعالى . قالتْ فِرقَة : تقدير الآيةِ : أن اللّه يُصَلِّي وملائكتُه يصلُّون , فالضَّميرُ في قوله { يُصَلُّونَ } : للملائِكةِ فَقط . وقالت فرقة : بل الضميرُ في { يُصَلُّونَ } لِلَّهِ والملائكة ؛ وهذا قول من اللّه تعالى ، شَرَّفَ به ملائكتَه ؛ فَلاَ يُرِدُ عليه الاعتراضُ الذي جَاءَ في قَوْلِ الخَطِيبِ : مَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ، فَقَدْ رَشَدَ ، وَمَنْ يَعْصِيهِمَا ، فَقَدْ ضَلَّ ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ " وهذا القَدْرُ كَافٍ هُنَا ، وصلاة اللّه تعالى : رحمةٌ منه وبركةٌ ، وصلاة الملاَئكةِ : دعاء ، وصلاةُ المؤمنين : دعاء ، وتعظيم ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حينٍ ؛ من الواجباتِ وجوبَ السُّنَنِ المؤكَّدَةِ التي لا يسعُ تَرْكُها ؛ وَلاَ يُغْفِلُها إلاَّ مَن لاَ خيرَ فيه ، وفي حديث ابن عباس : أنه لما نزلت هذه الآية ؛ قال قوم من الصحابة : « هَذَا السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللّهِ ؛ قَدْ عرفْنَاهُ ، فكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ » الحديث . * ت * : ولفظ البخاري : " عن كعب بن عُجْرَةَ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ؛ أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيْكَ ، فَقَدْ عَرَفْنَاهُ ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ ؟ قَالَ : « قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَعَلَىٰ آلِ مُحَمَّدٍ ؛ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَعَلَىٰ آلِ مُحَمَّدٍ ؛ كَمَا بَارَكْتَ عَلَىٰ إبْرَاهِيمَ ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ » " انتهى ؛ وفيه طرقٌ يَزِيدُ فيها بعضُ الرواةِ على بَعْضِ ، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : " إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الجمُعَةِ ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فيه ؛ فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ " الحديثُ رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ، واللفظ لأبي داود ، ورواه الحاكم في « المستدرك » من حديث أبي مسعود الأنصاري ، وقال : صحيح الإسناد ، وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلاَّ رَدَّ اللّهُ عَلَيَّ رُوحِي ؛ حَتَّىٰ أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ " وعنْه قَالَ : قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُم " رواهما أبو داود ، وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً " رواه الترمذي ، وابن حِبَّانَ . في « صحيحيه » ، ولفظهما سواء ، وقال الترمذي حسن غريب . انتهى من « السلاح » . وقولُه سبحانه : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ } الجلبابُ : ثوبٌ أَكْبَرُ مِنْ الخِمَار ، ورُوِي عَن ابن عباس وابن مسعود : أَنَّهُ الخمارُ ، واخْتُلِفَ في صورة إدنائه : فقالَ ابنُ عباسٍ وغيره : ذلك أن تَلْوِيَه المرأةُ حَتَّى لا يظهرَ منهَا إلاَّ عينٌ واحِدَةٌ تبصر بها ، وقال ابن عباس أيضاً وقتادةُ : ذلك أن تلويه الجبينِ وتشدُّهُ ، ثم تَعْطِفَهُ على الأنفِ ، وإن ظهرتُ عَيْنَاها ؛ لكنَّه يستر الصدر ومعظمَ الوجهِ . وقوله : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } : حتى لا يختلطّن بالإمَاءِ ، فَإذَا عُرِفْنَ لم يقابَلْن بأذَى . من المعارضة ؛ مراقبةً لرتبةِ الحرائر ، وليس المعنى أن تُعْرَفَ المرأةُ حَتَّىٰ يعلمَ من هي ؛ وكان عمر إذا رأى أمَةً قد تقنعت قَنَّعَها بالدِّرَّةِ محافظةً على زِيِّ الحرائر .