Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 15-19)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَمَا يَنظُرُ هَـؤُلآءِ } أي : ينتظرُ ، { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } قال قتادة : تَوَعَّدَهُمْ سُبْحَانَهُ بصيحةِ القِيَامَةِ والنفخِ في الصُّور ، قَالَ الثَّعْلَبِيُّ : وقد رُوِيَ هذا التفسيرُ مرفوعاً ، وقالتْ طائِفَةٌ : تَوَعَّدَهُمْ اللَّهُ بِصَيْحَةٍ يُهْلَكُونَ بِهَا في الدنيا ، { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } قرأ الجمهورُ ـــ بفتح الفاءِ ـــ ، وقَرأ حمزةُ والكسائي « فُوَاق » ـــ بِضم الفاء ـــ ، قال ابن عباس : هما بمعنًى ، أي : ما لَها من انْقِطَاعٍ وَعَوْدَةٍ ، بَلْ هِي مُتَّصِلَةٌ حَتَّىٰ تُهْلِكَهُمْ ، ومنه : فُوَاقُ الحَلْبِ ، وهُوَ المُهْلَةُ التي بَيْنَ « الشُّخْبَيْنِ » ، وقال ابن زَيْدٍ وغيرُهُ : المعنَىٰ مُخْتَلِفٌ ، فالضَّمُّ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَعْنَى فُوَاقِ النَّاقَةِ ، والفتحُ بِمَعْنَى الإفَاقَةِ ، أيْ : لا يُفِيقُونَ فيها كما يُفِيقُ المَرِيضُ ، والمَغْشِيُّ عَلَيْهِ ، والْقِطُّ : الحَظُّ والنصيبُ ، والْقِطُّ أَيْضاً الصَّكُّ والكتابُ من السُّلْطَانِ بِصِلة ، ونحوهِ ، واختلِف في الْقِطِّ هُنَا ، ما أرادوا به ؟ فقال ابن جُبَيْر : أرادوا به : عَجَّلْ لَنَا نَصِيبَنَا من الخَيْرِ والنَّعيمِ في دُنْيَانا ، وقال أبو العالية : أرادوا عَجِّل لنا صُحُفَنَا بأيمانِنا ؛ وذلك لمَّا سَمِعُوا في القرآن أَنَّ الصُحُفَ تُعْطَىٰ يوم القيامةِ بالأيْمَانِ والشَّمائِل ، وقال ابن عباس وغَيره : أرادوا ضِدَّ هَذَا من العذابِ ونحوهِ ، وهذا نظيرُ قولهم { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } [ الأنفال : 32 ] قال * ع * : وعلى كل تأويل ، فكَلاَمُهُم خَرَجَ عَلى جِهَةِ الاسْتِخْفَافِ والهُزْءِ . { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا * دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ } أَي : فَتَأَسَّ به ولاَ تَلْتَفِتْ إلَىٰ هؤلاءِ ، « والأيْدِ » القُوَّةُ في الدين والشرع والصَّدْعُ به ، والـ { أَوَّابٌ } الرَّجَّاعُ إلى طَاعةِ اللَّهِ ، وقاله مجاهد وابن زيد وفسَّره السُّدِّيُّ : بالمُسَبِّحِ ، وتسبيحُ الجِبَالِ هنا حقيقةٌ ، و { الإشْرَاق } : ضياءُ الشَّمْسِ وارتفاعُها ، وفي هذين الوَقْتَيْنِ كانت صلاَةُ بنِي إسرائيل ، قال الثعلبيُّ : وليس الإشْرَاقُ طُلُوعَ الشَّمْسِ ، وإنما هو صَفَاؤُها وضوءها ، انتهى . قال ابن العربي في « أحكامه » : قال [ ابن عباس ] : ما كنتُ أعْلَمُ صلاةَ الضُّحَىٰ في القرآن حتى سمعتُ اللَّهَ تعالى يقول : { يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِىِّ وَٱلإِشْرَاقِ } قال ابن العربي : أما صلاةُ الضُّحَىٰ فَهِي في هٰذِهِ الآيةِ نافلةٌ مُسْتَحَبَّةٌ ، ولا ينبغي أنْ تُصَلَّىٰ حتى تتبينَ الشمسُ طَالعةً قَدْ أشْرَقَ نُورُهَا ، وفي صلاةِ الضحَىٰ أحاديثُ أُصُولُهَا ثلاثةٌ : الأولُ حديثُ أبي ذَرٍّ وغيرِه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّه قال : " يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنِ ٱبْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ ؛ تَسْليمُهُ عَلَىٰ مَنْ لَقِيَ صَدَقَةٌ ، وأَمْرُهُ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ ، ونَهْيُهُ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وإمَاطَتُهُ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ، وبُضْعُهُ أهْلَهُ صَدَقَةٌ ، ويجزىء مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَانِ مِنَ الضُّحَىٰ " . الثَّانِي : حديثُ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ عَنْ أبِيهِ ؛ أَنَّ النَّبِيِّ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قال : " مَنْ قَعَدَ في مُصَلاَّهُ حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ ، حَتَّىٰ يُسَبِّحَ رَكْعَتَيْ الضُّحَىٰ لاَ يَقُولُ إلاَّ خَيْراً ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ ، وإنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ البَحْرِ " . الثالثُ : حَدِيثُ أُمِّ هانىء أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّىٰ يَوْمَ الفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ ، انْتَهَى . * ت * : وَرَوَى أبو عيسى الترمذيُّ وغَيْرُهُ عن أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ في جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَىٰ ، حَتَّىٰ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّىٰ رَكْعَتَيْنِ ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تَامَّةٍ " ، قَالَ الترمذيُّ : حديثٌ حَسَنٌ انتهى . قال الشَّيْخُ أَبو الحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ في شرحه للبُخَارِيِّ : وعن زيدِ بْنِ أسْلَمَ قَال : سمعتُ عَبد اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يقولُ لأبي ذَرٍّ : أوْصِنِي يَا عَمُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي ؛ فَقَالَ : " مَنْ صَلَّى الضُّحَىٰ رَكْعَتَيْنِ ، لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغافِلِينَ ، وَمَنْ صَلَّىٰ أَرْبَعَاً ، كُتِبَ مِنَ العَابِدِينَ ، ومَنْ صَلَّىٰ ستًّاً ، لَمْ يَلْحَقْهُ ذَلِكَ اليَوْمَ ذَنْبٌ ، وَمَنْ صَلَّىٰ ثَمانياً ، كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ ، ومَنْ صَلَّىٰ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، بَنَىٰ اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ " انتهى . { وَٱلطَّيْرَ } : عَطْفٌ عَلَى الْجِبَالِ ، أي : وسَخَّرْنَا الطيرَ ، و { مَحْشُورَةً } معناهُ مجموعةً ، والضميرُ في « لهُ » قَالَتْ فِرْقَةٌ : هو عائدٌ على اللَّهِ ـــ عزَّ وجلَّ ـــ و { كُلٌّ } على هذا ، يُرَادُ بهِ : دَاوُدُ والجبالُ والطيرُ ، وقالت فرقة : هو عائدٌ على داودَ فـ { كُلٌّ } على هذا يُرَادُ بهِ الجبالُ والطيرُ .