Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 20-22)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } : عبارةٌ عامَّةٌ لجميعِ مَا وَهَبَه اللَّه تَعالى من قوَّةٍ وجندٍ ونعمةٍ ، { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } ، قال ابن عباس وغيره : هو فَصْلُ القَضَاءِ بَيْنَ الناسِ بالحقِ وإصابتُه وفَهْمُه ، وقال الشعبي : أرادَ قَوْلَ « أمَّا بَعْدُ » فإنه أَوَّلُ مَنْ قَالَها ، قال * ع * : والذَّي يُعْطِيهِ اللفظُ أنَّه آتاه فَصْلَ الخطابِ ، بمعنى أنَّه إذا خَاطَبَ في نَازِلةٍ ، فَصَلَ المَعْنَىٰ وأوْضَحَهُ ، لا يأْخذُهُ في ذلك حَصَرٌ وَلا ضَعْف . وقوله تعالى : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا ٱلْخَصْمِ } الآية مخاطبةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم ، واسْتُفْتِحَتْ بالاسْتِفْهَام ؛ تَعْجِيباً مِنَ القصَّةِ وتفخيماً لها ، والخصمُ يُوصَفُ بهِ الواحِدُ والاثْنَانِ والجَمْعِ ، و { تَسَوَّرُواْ } معناه : عَلَوْا سُورَهُ ، وهو جَمْعُ « سُورَةٍ » وهي القطعةُ من البناء ، وَتَحْتَمِلُ هذه الآيةُ أن يكونَ المُتَسَوِّرُ اثْنَانِ فَقَطْ ، فَعَبَّرَ عَنْهُما بلَفْظِ الجَمْعِ ، ويحتملُ أن يكونَ معَ كلِّ واحدٍ منَ الخَصْمَيْنِ جَمَاعَةٌ ، و { ٱلْمِحْرَابَ } المَوْضِعُ الأرْفَعُ مِنَ القَصْرِ أو المَسْجِدِ ، وهو موضع التعبُّد ، وإنما فَزِعَ منهم مِنْ حَيْثُ دَخَلُوا من غير الباب ، ودون استئذان ، ولا خلافَ بَيْن أهلِ التأويلِ أنَّ هذا الخَصْمَ إنما كانوا ملائكةً بَعَثَهُمْ اللَّهُ ضَرْبَ مَثَلٍ لداودَ ، فاختصموا إليه في نازلةٍ قَدْ وَقَعَ هُو في نَحْوِهَا ، فأَفْتَاهُمْ بِفُتْيَا هِي وَاقِعَةٌ عليه في نازلته ، ولَمَّا شَعَرَ وَفَهِمَ المُرَادَ ، خَرَّ رَاكِعاً وأَنَابَ ، واسْتَغْفَرَ ، وأمَّا نَازِلَتُهُ الَّتي وَقَع فِيها ، ففيها للقُصَّاصِ تَطْوِيلٌ ، فَلَمْ نَرَ سَوْقَ جَمِيعِ ذلكَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ . ورُوِيَ فِي ذلكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ما معناه ؛ أن دَاوُدَ كَانَ في مِحْرَابِهِ يَتَعَبَّدُ ؛ إذْ دَخَلَ عَلَيْهِ طَائِرٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ ، فَمَدَّ يَدَهُ إليْه ؛ ليأخُذَهُ ، فَزَالَ مُطْعِماً لَه مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ ، حَتَّى اطَّلَعَ عَلَى امْرَأَةٍ لَهَا مَنْظَرٌ وَجَمَالٌ ، فَخَطَرَ فِي نَفْسِهِ أنْ لَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ ، وَسَأَلَ عَنْهَا ، فَأُخْبِرَ أَنَّهَا امْرَأَةُ أُورِيَّا ، وَكَانَ في الجِهَادِ فَبَلَغَهُ أنَّه اسْتُشْهِدَ فَخَطَبَ المَرْأَةَ ، وَتَزَوَّجَهَا ، فَكَانَتْ أُمَّ سُلَيْمَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ ، فَبَعَثَ اللَّهُ الخَصْمَ لِيُفْتِيَ ، قَالَتْ فرقةٌ من العلماء : وإنما وَقَعَتْ المعَاتَبَةُ عَلَىٰ هَمِّهِ ، وَلَمْ يَقَعْ مِنْه شَيْءٌ سِوَى الهَمِّ ، وكانَ لِدَاوُدَ فِيما رُوِيَ تِسْعٌ وتِسْعُونَ امْرَأَةً ، وَفي كُتُبِ بَنِي إسرائيل في هذه القصة صُوَرٌ لاَ تَلِيقُ ، وقد قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : مَنْ حَدَّثَ بِما قَالَ هؤلاءِ القُصَّاصُ في أَمْرِ دَاوُدَ ، جَلَدْتُهُ حَدَّيْنِ لما ٱرْتَكَبَ مِنْ حُرْمَةِ مَنْ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَهُ . وقوله : { خَصْمَانِ } تقديرُه : نَحْنُ خصمانِ ، و { بَغَىٰ } معناه : اعْتَدَىٰ واسْتَطَالَ ، { وَلاَ تُشْطِطْ } معناه : وَلاَ تَتَعَدَّ في حُكْمِكَ ، و { سَوَاءِ ٱلصِّرٰطِ } معناه : وَسَطُهُ .