Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 26-28)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { يَٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَـٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلاْرْضِ } تقديرُ الكلامِ : وقُلْنَا لَهُ يا داوُدُ ، قال * ع * : ولاَ يُقَالُ خليفةُ اللَّهِ إلا لرسولِه ، وأما الخلفاءُ ، فكل واحدٍ خَليفَةٌ للذي قَبْلَهُ ، ومَا يَجِيءُ في الشِّعْرِ مِنْ تَسْمِيَة أحدهِم خليفةَ اللَّه فذلك تجوُّزٌ وَغُلُوٌّ ؛ أَلا تَرىٰ أن الصَّحابَةَ ـــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـــ حَرَزُوا هذا المعنى ، فقالوا لأبي بَكْرٍ : خليفةُ رسولِ اللَّهِ ، وبهذا كَانَ يُدْعَىٰ مدةَ خلافَتِه ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ ؛ قالُوا : يا خليفةَ خليفةِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَطالَ الأمْرُ ، وَرأَوْا أنَّهُ في المُسْتَقْبَلِ سَيَطُولُ أكْثَرَ ؛ فَدَعَوْهُ أَمِيرَ المُؤمنينَ ، وقُصِرَ هَذا الاسْمُ عَلى الخُلَفَاءِ . وقوله : { فَيُضِلَّكَ } قالَ أبو حيان : منصوبٌ في جوابِ النَّهْي ، ( ص ) أبو البقاءِ وقيل : مجزومٌ عَطْفاً عَلَى النَّهْيِ وفُتِحَتِ [ اللامُ ] لالْتِقَاءِ الساكنين ، انتهى . وقوله سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } إلى قوله : { وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ } : اعْتِرَاضٌ فصيحٌ بين الكلامينِ من أمرِ دَاوُدَ وسليمانَ ، وهو خطابٌ لنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وعِظَةٌ لأمَّتِه ، و { نَسُواْ } في هذه الآية مِعْنَاهُ تَرَكُوا ، ثم وقفَ تَعالى عَلى الفَرْقِ عندَه بيْنَ المؤمِنينَ العامِلينَ بالصَّالِحَاتِ وبَيْنِ المفْسِدِينَ الكَفَرَةِ وبَيْنَ المتَّقِينَ والفُجَّارِ ، وفي هَذَا التوقيفِ حَضٌّ عَلَى الإيمانِ والتَّقْوَىٰ ، وتَرْغِيبٌ في عَمَل الصالحات ، قَال ابنُ العَرَبِيِّ : نَفَى اللَّهُ تَعَالَى المساواةَ بَيْنَ المؤمِنينَ والكافِرِينَ ، وبَيْنَ المتقينَ والفُجَّار ؛ فلا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ في الآخرةِ ، كَما قَالهُ المفَسِّرون ولاَ في الدُّنْيَا أيْضاً ؛ لأنَّ المؤمنينَ المتقينَ معصومُونَ دَماً ومالاً وعرْضاً ، والمُفْسِدُونَ في الأرض والفُجَّارُ مُبَاحُو الدَّمِ والمالِ والعِرْضِ ، فَلاَ وَجْهَ لِتَخْصِيصِ المفسِّرِينَ بِذَلِكَ في الآخرة دون الدُّنْيَا ، انتهى ، من « الأحكام » ؛ وهذا كما قال : وقوله تعالى في الآية الأخرَىٰ : { سَوَاءً مَّحْيَـٰهُمْ وَمَمَـٰتُهُمْ } [ الجاثية : 21 ] يشهد له ، وباقي الآية بَيِّنٌ .