Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 6-8)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ ءَالِهَتِكُمْ } الآية ، " رُوِيَ فِي قَصَصِ هذهِ الآيةِ ، أنَّ أشْرَافَ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا عِنْدَ مَرَضِ أبي طالبٍ ، وقالوا : إن مِنَ القبيحِ علينا أن يموتَ أبو طالب ، ونُؤْذِيَ محمَّداً بَعْدَهُ ، فتقولُ العربُ : تركُوهُ مُدَّةَ عَمِّهِ ، فَلَمَّا مَاتَ آذَوْهُ ، ولكن لِنذهبْ إلى أبي طالب فَيُنْصِفَنَا مِنْهُ ويَرْبِطَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رَبْطاً ، فَنَهَضُوا إليه ، فقالوا : يا أبا طالب : إن محمداً يَسُبُّ آلهتَنا ، ويُسَفِّهُ آراءنا ، ونحنُ لا نُقَارُّهُ عَلَىٰ ذلك ، ولكن افْصِلْ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ في حياتِكَ بأن يُقِيمَ في منزلهِ يَعْبُدُ ربَّهُ الذي يَزْعُمُ ويدعُ آلهتنا وسَبَّها ، ولا يَعْرِضُ لأحَدٍ منا بشيْءٍ من هذا ، فبعث أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمَّدُ ، إن قومَكَ قَد دَعَوْكَ إلى النَّصَفَةِ ، وهِيَ أن تَدَعَهُمْ وتَعْبُدَ رَبَّكَ وَحْدَكَ ، فَقال : أوَ غَيْرَ ذلكَ يا عَمُّ ؟ قال : وما هو ؟ قال : يُعْطُونَنِي كَلِمَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العَرَبُ ، وَتُؤَدِّي إلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ بِهَا العَجَمُ ، قَالُوا : وَمَا هِيَ ؟ ! فَإنَّا نُبَادِرُ إلَيْهَا ! قَالَ : « لاَ إلٰهَ إلاَّ اللَّهُ » ؛ فَنَفَرُوا عِنْدَ ذَلِكَ ، وَقَالُوا : مَا يُرْضِيكَ مِنَّا غَيْرُ هٰذَا ؟ قال : « واللَّهِ ، لَوْ أَعْطَيْتُمُونِي الأَرْضَ ذَهَبَاً وَمَالاً » " وفي روايةِ " لَوْ جَعَلْتُمُ الشَّمْسَ فِي يَمِينِي والقَمَرَ فِي شِمَالِي مَا أَرْضَىٰ مِنْكُمْ غَيْرُهَا " فَقَامُوا عِنْدَ ذَلِكَ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } ، ويُرَدِّدُونَ هذا المعنَىٰ ، وعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ يقولُ : { ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ ءَالِهَتِكُمْ } ، فقوله تعالى : { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ } عبارةٌ عن خروجِهم عَن أبي طالبٍ وانطلاقِهِمْ من ذلكَ الجَمْعِ ، هذا قولُ جماعةٍ من المفسِّرين . وقوله : { أَنِ ٱمْشُواْ } نَقَلَ الإمامُ الفخرُ أَنَّ « أنْ » بمعنى : « أي » ، انتهى ، وقولهم : { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ } يريدون ظهورَ محمَّدٍ وعلوَّه ، أي : يُرادُ مِنَّا الانقيادُ لَه ، وأنْ نكونَ له أتْبَاعاً ، ويريدونَ بِالمِلَّةِ الآخرةِ مِلَّةَ عِيسَىٰ ، قاله ابنُ عبَّاس ، وغيره ؛ وذلك أنها ملَّةٌ شُهِرَ فيها التثليثُ . ثم تَوَعَدَّهُمْ ـــ سبحانه ـــ بقوله : { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } أي : لو ذاقُوهُ ، لَتَحَقَّقُوا أنَّ هذه الرسالة [ حقٌّ ] .