Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 67-72)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } معناهُ وما عَظَّمُوا اللَّه حقَّ عظَمتهِ ، ولا وَصَفُوهُ بصفاتِهِ ، ولا نَفَوْا عَنْهُ مَا لاَ يليقُ به ، قال ابن عبَّاسٍ : نزلتْ هذه الآيةُ في كُفَّارِ قُرَيْشٍ الذينَ كَانَتْ هذهِ الآياتُ كلُّها محاورةً لهم ، وردًّا عليهم ، وقالت فرقة : نزلتْ في قومٍ من اليهودِ تَكَلَّمُوا في صفاتِ اللَّه تعالى ، فَأَلْحَدُوا وَجَسَّمُوا وَأَتَوْا بِكُلِّ تَخْلِيطٍ . وقوله تعالى : { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ } معناه : في قَبْضَتِهِ ، واليمينُ هنا ، والقبضةُ عِبارةٌ عَنِ القُدْرَةِ والقُوَّةِ ، وما ٱخْتَلَجَ في الصُّدُورِ من غَيْرِ ذَلِكَ بَاطِلٌ و { فَصَعِقَ } في هذه الآية ، معناه : خَرَّ مَيِّتاً ، والصُّورُ : القَرنُ ، ولا يُتَصَوَّرُ هنا غَيْرُ هذا ، ومَنْ يَقُولُ : { ٱلصُّورِ } جمع صُورَةٍ ، فإنما يَتَوجَّهُ قولهُ فِي نَفْخَةِ البَعْثِ ، وقد تَقَدَّمَ بَيَانُ نَظِيرِ هٰذِهِ الآيةِ في غَيْرِ هذا المَوْضِعِ . وقوله تعالى : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ } هي نفخةُ البَعْثِ ، وفي الحديث : " أَنَّ بَيْن النَّفْخَتَيْنِ أربعين " لاَ يَدْرِي أبو هريرةَ سَنَةً أو شَهْراً أَوْ يَوْماً أَوْ سَاعَةً * ت * : ولفظُ مُسْلِمٍ : عن أبي هريرةَ قال : قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم " ومَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ ، قَالُوا : يَا أَبا هُرَيْرَةَ : أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ : أَبَيْتُ قَالُوا : أَرْبَعُونَ شَهْراً ؟ قَالَ : أَبَيْتُ ، قَالُوا : أَربَعُونَ يَوماً ؟ قالَ : أَبَيْتُ " الحَدِيثَ ، قال صَاحِبُ « التَّذْكِرَةِ » : فقيل : معنى قوله : « أَبَيْتُ » أي : ٱمتنعتُ من بَيَانِ ذلك ؛ إذْ ليس هو مِمَّا تَدْعُو إليه حاجةٌ ، وعلَىٰ هذا كانَ عِنده عِلْمُ ذلك ، وقيل : المعنى : أَبَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذٰلِكَ ، وعَلَىٰ هذا : فلاَ عِلْمَ عِنْدَهُ ، والأَوَّلُ أظْهَرُ ، وقد جاء أَنَّ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعِينَ عَاماً ، انتهى ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصحيحَ في المستثنَىٰ في الآيةِ أَنَّهُمُ الشُّهَدَاءُ قَال الشيخُ أبو محمَّدِ بْنُ بُزَيزَةَ في « شرح الأحكام الصغرَىٰ » لعبد الحَقِّ : الذي تلقيناه من شيوخنا المحققين أن العَوالِمَ التي لاَ تَفْنَىٰ سَبْعَةٌ : العَرْشُ ، والكُرْسِيُّ ، واللَّوْحُ ، وٱلقَلَمُ ، والجَنَّةُ ، والنَّارُ ، والأَرْوَاحُ . انْتَهَىٰ . { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } معناه : أضاءت وعَظُمَ نُورُهَا ، و { ٱلأَرْضُ } في هذه الآية : الأرض المُبَدَّلَةُ من الأرْضِ المَعْرُوفَةِ . وقوله : { بِنُورِ رَبِّهَا } إضَافَةُ مُخلوق إلى خَالقٍ ، و { ٱلْكِتَـٰبُ } كتابُ حِسَابِ الخلائِقِ ، وَوَحَّدَهُ على ٱسْمِ الجِنْسِ ؛ لأنَّ كلَّ أحَدٍ له كتابٌ عَلى حِدَةٍ ، { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ } أي : لِيَشْهَدُوا عَلَىٰ أممهم ، و { ٱلشُّهَدَاءِ } قيل : هو جمع « شَاهِد » وقيل : هو جمع « شَهِيدٍ » في سبِيلِ اللَّهِ ، والأولُ أبْيَنُ في معنى التَّوَعُّدِ ، والضميرُ في قوله { بَيْنَهُمْ } عائدٌ على العالم بِأجْمَعِهِ ، إذِ الآيةُ تدلُّ عليهم ، و { زُمَراً } مَعْنَاهُ : جماعاتٍ متفرقةً ، واحدتها : زُمْرَة . وقوله : { فُتِحَتْ } جوابُ « إذَا » ، والكَلاَمُ هنا يَقْتَضِي أن فَتْحَها إنما يكُونَ بَعْدَ مجِيئِهم ، وفي وُقوفِهِم قَبْل فَتْحِها مَذَلَّةٌ لهُمْ ، وهَكَذا هي حالُ السُّجُونِ ومَواضِعِ الثِّقَافِ والعَذَابِ ؛ بِخلافِ قولِهِ في أَهْلِ الجَنَّةِ { وَفُتِحَتْ } ، فالواو مؤذِنَةٌ بأنهم يَجِدُونَها مَفْتُوحَةً كَمَنَازِلِ الأَفْرَاحِ والسُّرُورِ . وقوله تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـٰتِ رَبِّكُمْ … } الآية ، في قوله : { مِّنكُمْ } أعْظَمُ في الحُجَّةِ ، أي : رُسُلٌ مِنْ جِنْسِكُمْ ؛ لا يَصْعُبُ عليكم مَرَامُهم ، ولا فَهْمُ أقوالِهِم .