Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 44-46)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ يَشْتَرُونَ ٱلضَّلَـٰلَةَ … } الآية : { أَلَمْ تَرَ } : مِنْ رؤية القَلْب ، وهي عِلْمٌ بالشيء ، والمراد بـ « الَّذِينَ » : اليهودُ ؛ قال قتادة وغيره ، ثم اللفظ يتناوَلُ معهم النصارَىٰ ، وقال ابن عبَّاس : نزلَتْ في رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدِ بنِ التَّابُوتِ اليهوديِّ ، والكتابُ : التوراةُ والإنجيلُ ، و { يَشْتَرُونَ } : عبارةٌ عن إيثارهم الكفْرَ ، وتركِهِمُ الإيمانَ ، وقالتْ فرقة : أراد الَّذِينَ كانوا يُعْطُون أموالهم للأحبارِ علَىٰ إقامةِ شَرْعِهِمْ ، فهو شراءٌ حقيقةً ، { وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } معناه : أنْ تَكْفُروا . وقوله سبحانه : { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ } خبرٌ في ضمنه التحذيرُ منهم ، { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً } ، أيْ : ٱكْتَفُوا باللَّه وليًّا . وقوله سبحانه : { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } ، قال بعضُ المتأوِّلين : « مِنْ » راجعةٌ على « الَّذِينَ » الأُولَىٰ ، وقالتْ فرقة : « مِنْ » متعلِّقة بـــ « نَصِيراً » ، والمعنَىٰ : ينصُرُكم من الذين هَادُوا ، فعلَىٰ هذين التأويلَيْن لا يُوقَفُ في قوله : « نَصِيراً » ، وقالتْ فرقة : هي ٱبتداءُ كلامٍ ، وفيه إضمارٌ ، تقديره : قَوْمٌ يحرِّفون ، وهذا مذهبُ أبي عَلِيٍّ ، وعلَىٰ هذا التأويلِ يُوقَفُ في « نَصِيراً » ، وقول سيبَوَيْهِ أصْوَبُ ؛ لأنَّ إضمار الموصولِ ثقيلٌ ، وإضمار الموصوفِ أسهلُ ، وتحريفهم للكلامِ علَىٰ وجْهَيْنِ ، إما بتغييرِ اللفظِ ، وقد فَعَلُوا ذلك في الأقَلِّ ، وإمَّا بتغيير التَّأْويلِ ، وقد فَعَلُوا ذلك في الأكْثَرِ ، وإليه ذهب الطَّبَرِيُّ ، وهذا كلُّه في التوراة ؛ علَىٰ قولِ الجُمْهورِ ، وقالتْ طائفة : هو كَلِمُ القُرآن ، وقال مَكِّيٌّ : هو كلامُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فالتَّحْرِيفُ علَىٰ هذا في التأويلِ . وقوله تعالى عنهم : { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } عبارةٌ عَنْ عُتُوِّهم في كُفْرهم وطُغْيانِهِمْ فيه ، و { غَيْرَ مُسْمَعٍ } : يتخرَّج فيه معنيانِ : أحدُهُما : غير مأمور وغير صاغر ؛ كأنهم قالوا : غَيْرَ أَنْ تُسَمَّعَ مأموراً بذلك . والآخر : على جهة الدعاءِ ، أي : لاَ سَمِعْتَ ؛ كما تَقُولُ : ٱمْضِ غَيْرَ مُصِيبٍ ، ونحو ذلك ، فكانَتِ اليهودُ إذا خاطَبَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بــ { غَيْرَ مُسْمَعٍ } ، أَرادَتْ في الباطِنِ الدعاءَ علَيْه ، وأَرَتْ ظاهراً ؛ أنها تريدُ تعظيمَهُ ، قال ابنُ عبَّاس وغيره نحوه ، وكذلكَ كَانُوا يُرِيدُونَ منه في أَنْفُسِهِمْ معنَى الرُّعُونَة ، وحكَىٰ مَكِّيٌّ معنَىٰ رِعَايَةِ الماشِيَةِ ، ويُظْهِرُونَ منه مَعْنَى المُرَاعَاةِ ، فهذا مَعْنَىٰ لَيِّ اللسانِ ، وقال الحسنُ ومُجَاهد : { غَيْرَ مُسْمَعٍ } ، أي : غَيْرَ مقبولٍ منك ، وَ { لَيّاً } : أَصله « لَوْياً » ، و { طَعْناً فِي ٱلدِّينِ } : أيْ : توهيناً له وإظهاراً للإستخفافِ به . قال * ع * : وهذا اللَّيُّ باللسانِ إلَىٰ خلافِ مَا في القَلْبِ موجُودٌ حتَّى الآن فِي بَنِي إسرائيل ، ويُحْفِظُ منه في عَصْرنا أمثلة إلاَّ أنه لا يَلِيقُ ذِكْرُهَا بهذا الكتَابِ . وقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ … } الآية : المعنَىٰ : ولو أنهم آمنوا وسمعوا وأطاعوا ، و { أَقْوَم } : معناه : أعْدَلُ وأصوَبُ ، و { قَلِيلاً } : نعْتٌ إما لإِيمانٍ ، وإما لِنَفَرٍ ، أوْ قَوْمٍ ، والمعنى مختلفٌ .