Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 34-40)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَلَقَدْ جَاءَكُـمْ يُوسُفُ … } الآية ، قالت فرقةٌ منهمُ الطبريُّ : يوسفُ المذكورُ هنا هو يوسفُ بنُ يَعْقُوبَ ـــ عليهما السلام ـــ وَرُوِيَ عن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ؛ أن فرعونَ مُوسَىٰ هُو فِرْعَوْنُ يُوسُفَ عُمِّر إلَىٰ زَمَنِ مُوسَىٰ ، وَرَوَىٰ أَشْهَبُ عَنْ مالِكٍ أنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ عَمَّرَ أرْبَعْمِائَةِ سَنَةٍ وأرْبَعِينَ سَنَةً ، وقالَتْ فرقةٌ : بل هُو فِرْعَونٌ آخر . وقوله : { كَبُرَ مَقْتاً } أي : كَبُرَ مَقْتاً جِدَالُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، فٱخْتَصَرَ ذِكْرَ الْجِدَالِ ؛ لدلالة تقدُّمِ ذِكْرِهِ عليه ، وقرأ أبو عَمْرٍو وَحْدَهُ : « عَلَىٰ كُلِّ قَلْبٍ » بالتنوينِ ، وقرأ الباقونَ بغيرِ تنوينٍ ، وفي مصحف ابن مسعود : « عَلَىٰ قَلْبِ ( كُلِّ ) مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ » ، ثم إن فرعونَ لما أعْيَتْهُ الْحِيَلُ في مُقَاوَمَةِ مُوسَىٰ ، نحا إلى المَخْرَقَةِ ، ونادَىٰ هَامَانَ وزيرَهُ أنْ يَبْنِيَ لَهُ صُرْحاً ؛ فَيُرْوَىٰ أنه طَبَخَ الآجُرَّ لهذا الصَّرْحِ ، ولم يُطْبَخْ قبْلَهُ ، وبناه ارتفاعَ أربعمائةِ ذراعٍ ، فبعثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ فَمَسَحَهُ بجَنَاحِه ، فكسَرَهُ ثَلاَثَ كِسَرٍ ، تَفَرَّقَتِ اثنتانِ ، ووقَعَتْ ثالثةٌ في البَحْرِ ، { ٱلأَسْبَابَ } الطُّرُقُ ؛ قاله السُّدِّيُّ ، وقال قتادةُ : أرادَ الأبوابَ ، وقيل عَنَى لعلَّه يَجِدُ مَعَ قُرْبِه مِنَ السَّمَاءِ سَبَباً يَتَعَلَّقُ به . وقرأ حمزة والكسائي وعاصم : « وَصُدَّ عنِ السَّبِيلِ » ـــ بضم الصاد وفتح الدالِ ـــ ، عطفاً على { زُيِّنَ } ، والباقونَ ـــ بفَتْحِ الصاد ـــ والتَّبَابُ : الخسرانُ ؛ ومنه { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] وبه فَسَرها مجاهدٌ وقتادة ، ثم وعظهمُ الذي آمن ، فَدَعا إلى ٱتِّباعِ أَمْرِ اللَّهِ . وقوله : { ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ } يقَوِّي أنَّ المتكلمَ مُوسَىٰ ، وإنْ كان الآخرُ يُحْتَملُ أنْ يقولَ ذلك ، أي : اتبعوني في اتباع موسى ، ثم زَهَّدَهُمْ في الدنيا ، وأنَّهَا شَيْءٌ يُتَمَتَّعُ بِهِ قليلاً ، ورَغَّبَ في الآخرةِ ، إذْ هي دَارُ الاستِقْرَارِ ، قال الغَزَّالِيُّ في « الإحْياءِ » : مَنْ أَرَادَ أنْ يدخلَ الجنةَ بغيرِ حسابٍ ، فليستَغْرِقْ أوقَاته في التلاوةِ والذكرِ والتفكُّرِ في حسن المآبِ ، ومَنْ أرادَ أن تَرْجُحَ كفَّةُ حَسَنَاتِهِ وتَثْقُلَ موازينُ خَيْرَاتِهِ ، فليستوعبْ في الطاعةِ أَكْثَرَ أوقاتِهِ ، فإنْ خَلَطَ عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً ، فأمْرُهُ في خَطَر ، لكنَّ الرجاءَ غَيْرُ منْقَطِعٍ ، والعفوُ من كَرَمِ اللَّهِ منتَظَرٌ ، انتهى .