Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 6-9)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَكَذٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَـٰتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية ، في مصحفِ ابن مسعودٍ « وَكَذَلِكَ سَبَقَتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ » والمعنى : وَكَمَا أَخَذَتْ أولئك المَذْكُورِينَ فَأَهْلَكَتْهُمْ ، فكذلك حَقَّتْ كلماتي علَىٰ جميعِ الكُفَّارِ ، مَنْ تَقَدَّمَ منْهُمْ ومَنْ تَأَخَّرَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّار . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ … } الآية ، أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانَهُ بِخَبَرٍ يتضمَّنُ تَشْرِيفَ المؤمنِينَ ، ويُعظِّمُ الرَّجاءَ لهم ، وهو أنَّ الملائِكَةَ الحَامِلِينَ لِلْعَرْشِ والذينَ حَوْلَ العَرْشِ ؛ وهؤلاءِ أفضلُ الملائِكَةِ يستغْفِرُونَ للمؤمنين ، ويسألون اللَّهَ لَهُمُ الرَّحْمَةَ والجَنَّةَ ؛ وهذا معنى قوله تعالى في غير هذه الآية ، { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } [ الفرقان : 16 ] أي سأَلَتْهُ الملائكةُ ، قال * ع * : وفَسَّرَ في هذه الآية المُجْمَلَ الذي في قوله تعالى : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأَرْضِ } [ الشورى : 5 ] ؛ لأَنَّ الملائِكَةَ لا تستغفرُ لكافرٍ ، وقد يجوز أن يُقَال : إنَّ استغفارَهم لهمُ بمعنى طَلَبِ هدايتِهم ، وبلغني أنَّ رجُلاً قال لبعض الصالحين : ٱدْعُ لي ، وٱستَغْفِرْ لي ، فقالَ لَهُ : تُبْ ، وٱتَّبِعْ سَبِيلَ اللَّهِ يَسْتَغْفِرْ لَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، وتلا هذه الآيَةَ ، وقال مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ : وَجَدْنَا أَنْصَحَ الْعِبَادِ لِلْعِبَادِ المَلاَئِكَةَ ، وأغَشَّ العِبَادِ لِلْعِبَادِ الشَّياطِينَ ، وتلا هذه الآية ، وروى جابرٌ ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِنَ لي أَن أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وَعاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمائَةِ سَنَةٍ ، قال الداوُوديُّ : وعن هارونَ بْنِ ريابٍ قال : حملةُ العَرْش ثمانيةٌ يَتَجاوبُونَ بصوْتٍ حَسَنِ ، فأرْبَعَةٌ يقولونَ : سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَلَىٰ حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ ، وأَرْبَعَةٌ يَقُولُونَ : سُبْحَانَكَ وبِحَمْدِكَ عَلَىٰ عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ " ، انتهى . وَرَوَىٰ أبو داودَ عن جَابِرِ بن عبدِ اللَّه ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " أُذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلكٍ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ ، إنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلَى عَاتِقِهِ [ مَسِيرَةَ ] سَبْعِمَائَةِ عَامٍ " ، انتهى ، وقد تقدَّم . وقولهم : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَىْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } معناه : وسِعتْ رَحْمَتُكَ وَعِلْمُكَ كُلَّ شَيْءٍ . وقوله : " ومَنْ صَلَحَ من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم " رُوِيَ عن سعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في ذلك : أنَّ الرَّجُلَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَبل قَرَابَتِهِ ، فَيَقُولُ : أَيْنَ أَبِي ؟ أَيْنَ أُمِّي ، أَيْنَ ٱبْنِي ، أَيْنَ زَوْجِي ، فيلحقونَ بِهِ ؛ لِصَلاَحِهِمْ ولتنبيههِ عليهم ، وطَلَبِهِ إيَّاهُمْ ، وهٰذِهِ دَعْوَةُ المَلاَئِكَةِ . وقولهم : { وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَـٰتِ } معناه : اجْعَلْ لهم وِقَايَةً تقيهمُ السيئاتِ ، واللَّفْظُ يحتملُ أَنْ يكونَ الدعاءُ في أن يدفعَ اللَّهُ عنهم أنْفُسَ السيئاتِ حتَّىٰ لاَ يَنَالَهُمْ عذابٌ مِن أَجْلِهَا ، ويحتملُ أَنْ يكونَ الدعاءُ في دَفْعِ العَذَابِ اللاَّحِقِ من السيئاتِ ، فيكونُ في اللَّفْظِ على هذا حذْفُ مضافٍ ، كأنه قال : وقِهِمْ جَزَاءَ السيِّئاتِ ، قال الفَخْرُ : وقوله تعالى : { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَـٰتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ } يعني : من تِقِ السيئاتِ في الدنيا ، فَقَدْ رَحِمْتَهُ في يوم القيامةِ ، انتهى ، وهذا رَاجِعٌ إلى التأويل الأول .