Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-15)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { فَقَضَاهُنَّ } معناه : فَصَنَعَهُنَّ وأَوْجَدَهُنَّ ، ومنه قول أبي ذُؤَيْبٍ : [ الكامل ] @ وَعَلَيْهِمَا مسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ @@ وقوله تعالى : { وَأَوْحَىٰ فِى كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا } قال مجاهد وقتادة : أوحَىٰ إلى سُكَّانِها وَعَمَرَتِها من الملائكة وإليها هي في نَفْسِهَا ـــ ما شاء تعالَىٰ ـــ مِنَ الأَمُورِ التي بها قوامها وصلاحها . وقوله : { ذٰلِكَ } إشارة إلَى جَمِيعِ ما ذكر ، أي : أوْجَدَهُ بِقُدْرَتِهِ ، وأحكمه بِعِلْمِهِ . وقوله تعالى : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } يعني : قريشاً ، والعرب الذين دَعَوتَهُم إلى عبادة اللَّه تعالى عن هذه الآيات البَيِّنَات { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } وقرأ النَّخَعِيُّ وغيره : { صَـٰعِقَةِ } فيهما ، وهذه قراءة بَيِّنَةُ المعنى ؛ لأنَّ الصعقة الهلاكُ الوَحيُّ ، وأمَّا الأولَىٰ فهي تشبيهٌ بالصاعقةِ ، وهي الوقعة الشديدة من صوت الرعد ، فشُبِّهَتْ هنا وقعةُ العذاب بها ؛ لأنَّ عاداً لم تُعَذَّبْ إلاَّ بِرِيحٍ ، وإنَّما هذا تشبيهٌ وٱستعارةٌ ، وعبارةُ الثعلبيِّ : { صاعقةٌ } أي : واقعةٌ وعقوبةٌ مِثْلُ صاعقةِ عَادٍ وثَمُودَ ، انتهى ، قال * ع * : وَخَصَّ عاداً وثَمُودَ بالذِّكْر ؛ لوقوفِ قُرَيْشٍ علَىٰ بلادها في اليمن وفي الحِجْرِ في طريق الشام ، قال الثعلبِيُّ : و { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } يعني : قبلهم وبعدهم ، وقامت الحُجَّةُ عليهم في أَنَّ الرسالة والنذارة عمتهم خبراً ومباشرة ، وقال * ع * : قوله : { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أي : جاءهم رسول بعد اكتمال أعمارهم وبعد تَقَدُّمِ وجودهم في الزَّمَنِ ، فلذلك قال : { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } ولا يتوجه أنْ يجعل { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } عبارة عَمَّا أتى بعدهم ؛ لأنَّ ذلك لا يلحقهم منه تقصير . * ت * : وما تقدم للثعلبيِّ وغيره أَحْسَنُ ؛ لأَنَّ مقصد الآية اتصال النذارة بهم وبمن قبلهم وبمن بعدهم ؛ إذ ما من أُمَّةٍ إلاَّ وفيها نذير ، وكما قال تعالى : { رُسُلَنَا تَتْرَى … } [ المؤمنون : 44 ] وأيضاً فإنَّه جمع في اللفظ عاداً وثَمودا وبالضرورة أَنَّ الرسولَ الذي أُرْسِلَ إلَىٰ ثمودَ هو بَعْدَ عادٍ ، فليس لِرَدِّ * ع * : وَجْهٌ ؛ فتأمله .