Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 20-22)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلأَخِرَةِ } معناه : إرادة مُسْتَعِدٍّ عاملٍ ، لا إرادةُ مُتَمَنٍّ مُسَوِّفٍ ، والحَرْثُ في هذه الآية : عبارةٌ عن السَّعْيِ والتكسُّبِ والإعْدَاد . وقوله تعالى : { نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ } وَعْدٌ مُتَنَجَّزٌ ؛ قال الفَخْرُ : وفي تفسير قوله : { نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ } قولان . الأوَّلُ : نزد له في توفيقه وإعانته ، وتسهيلِ سبيل الخَيْرَاتِ والطاعاتِ عليه ، وقال مقاتل : تزد له في حَرْثِهِ بتضعيفِ الثواب ؛ قال تعالى : { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } [ فاطر : 30 ] انتهى ، وقوله : { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } معناه : ما شئنا منها ولمن شئنا ، فَرُبَّ مُمْتَحَنٍ مُضَيَّقٌ عليه حريصٌ علَىٰ حَرْثِ الدنيا ، مريدٌ له ، لا يَحُسُّ بغيره ، نعوذُ باللَّهِ مِنْ ذلكٰ وهذا الذي لا يعقل غيرَ الدنيا هو الذي نفى أنْ يكون له نصيبٌ في الآخرة . وقوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } « أم » هذه منقطعةٌ لا معادلةٌ ، وهي بتقدير « بل » ، وألف الاستفهام ، والشركاء في هذه الآية يحتمل أنْ يكونَ المراد بهم الشياطين والمُغْوِينَ من أسلافهم ، ويكون الضمير في { لَهُمْ } للكفار المعاصرين لمحمد ـــ عليه السلام ـــ فالاشتراك ههنا هو في الكفر والغواية ، وليس بشركة الإشراك باللَّه ـــ ويحتمل أنْ يكون المراد بالشركاء : الأصنام والأوثان ؛ على معنى : أم لهم أصنام جعلوها شركاءَ للَّه في أُلُوهِيَّتِهِ ، ويكون الضمير في { شَرَعُواْ } لهؤلاء المعاصرين من الكفار ولآبائهم ، والضمير في { لَهُمْ } للأصنام الشركاء ، و { شَرَعُواْ } معناه : أثبتوا ، ونهجوا ، ورسموا و { ٱلدِّينِ } هنا : العوائدُ والأحكامُ والسِّيرَةُ ، ويَدْخُلُ في ذلك أيضاً المُعْتَقَدَاتُ السُّوء ؛ لأَنَّهُم في جمِيع ذلك وضعوا أوضاعاً فاسدة ، وكلمة الفصل هي ما سبق من قضاء اللَّه تعالى بأَنَّهُ يُؤخِّرُ عقابهم للدار الآخرة ، والقضاء بينهم هو عذابهم في الدنيا ومجازاتهم . وقوله تعالى : { تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } هي رؤية بَصَرٍ ، و { مُشْفِقِينَ } حال ، وليس لهم في هذا الإشفاق مدح ؛ لأنَّهم إنَّما أشفقوا حين نزل بهم ، وليسوا كالمؤمنين الذين هم في الدنيا مُشْفِقُون من أمر الساعة ، كما تقدم ، وهو واقع بهم . أبو حيان : ضمير { هُوَ } عائد على العذاب ، أو على ما كسبوا بحذف مضاف ، أي : وبال ما كسبوا ، انتهى ، والروضات : المواضع المونقة النَّضِرة .