Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 34-37)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ } : أوْبَقْتُ الرَّجُلَ : إذا أَنْشَبْتَهُ في أمْرٍ يَهْلِكُ فِيهِ ، وهو في السفُنِ تغريقها و { بِمَا كَسَبُواْ } أي : بذنوب رُكَّابها ، وقرأ نافع ، وابن عامر : « وَيَعْلَمُ » بالرفع ؛ على القطع والاستئناف ، وقرأ الباقون والجمهور : « وَيَعْلَمَ » بالنصب ؛ على تقدير « أنْ » ، و « المَحِيصُ » : المَنْجَىٰ ، وموضعُ الرَّوَغَانِ . ثم وعَظَ سبحانه عبادَهُ ، وحَقَّر عندهم أمر الدنيا وشأنها ، ورَغَّبَهُمْ فيما عنده من النعيم والمنزلة الرفيعة لديه ، وعَظَّم قَدْرَ ذلك في قوله : { فَمَا أُوتِيتُمْ مِّن شَىْءٍ فَمَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } وقرأ الجمهور : { كَبَـٰئِرَ } على الجمع ؛ قال الحسن : هي كُلُّ ما تُوُعِّدَ فيه بالنار ، وقد تقدَّم ما ذَكَرَهُ الناس في الكبائر في سورة النساء وغيرها ، { وَٱلْفَوٰحِشَ } : قال السُّدِّيُّ : الزنا ، وقال مقاتل : مُوجِبَاتُ الحدود . وقوله تعالى : { وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } حَضٌّ على كسر الغضب والتدرُّب في إطفائه ؛ إذ هو جمرةٌ من جَهَنَّمَ ، وبَابٌ مِنْ أبوابها ، وقال رجلٌ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : " أوْصِنِي ، قَالَ : لاَ تَغْضَبْ ، قَالَ : زِدْني ، قَال : لاَ تَغْضَبْ ، قَالَ : زِدنِي ، قَالَ : لاَ تَغْضَبْ " ، ومَنْ جاهد هذا العَارِضَ مِنْ نَفْسِهِ حتَّىٰ غَلَبَهُ ، فقدْ كُفِيَ هَمًّا عظيماً في دنياه وآخرته . * ت * : " وروىٰ مالكٌ في « المُوَطَّإ » أَنَّ رجُلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَعِيشُ بِهِنَّ وَلاَ تُكْثِرْ عَلَيَّ فَأَنْسَىٰ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَغْضَبْ » " قال أبو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ : أراد : عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي بكلماتٍ قليلةٍ ؛ لئلاَّ أَنْسَىٰ إنْ أكْثَرْتَ عَلَيَّ ، ثم أسند أبو عُمَرَ من طُرُقٍ عن الأحنفِ بن قَيْسٍ عن عَمِّه جَارِيَةَ بْنِ قُدَامَةَ ، أَنَّه قال : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْ لي قَوْلاً يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، وأَقْلِلْ لِي ؛ لَعَلِّي أَعْقِلُهُ ، قَال : " لاَ تَغْضَبْ ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِراراً ، كُلُّها يُرَجِّعُ إليه رسُولُ اللَّه : لاَ تَغْضَبْ " ، انتهَىٰ من « التمهيد » ، وأسند أبو عُمَرَ في « التمهيد » أيضاً عن عبد اللَّه بن أبي الهُذَيْلِ قال : لما رأىٰ يحيَىٰ أَنَّ عيسَىٰ مُفَارِقُهُ قال له : أَوْصِنِي ، قَالَ : لا تَغْضَبْ ، قال : لاَ أَسْتَطِيعُ ، قال : لا تَقْتَنِ مَالاً ، قال عَسَى . انتهى . وروى ابن المبارك في « رقائقه » بسنده عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَعْرَاضِ المُسْلِمِينَ أقال اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ عَنْهُمْ ، وَقَاهُ اللَّهُ عَذَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، قال ابن المُبَارَكِ : وأخبرنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، عن خالدِ بْنِ مَعْدَانَ قال : إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعالَىٰ يَقُولُ : " مَنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي ، وَمَنْ ذَكَرَنِي في مَلإَ ذَكَرْتُهُ في مَلإَ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَمَنْ ذَكَرَنِي حِينَ يَغْضَبُ ذَكَرْتُهُ حِينَ أَغْضَبُ فَلَمْ أَمْحَقْهُ فِيمَنْ أَمْحَقُ " انتهى .