Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 38-41)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ } مَدْحٌ لكلِّ مَنْ آمَنَ باللَّهِ ، وقَبِلَ شَرْعَهُ ، ومَدَحَ اللَّهُ تعالى القَوْمَ الذين أَمْرُهُمْ شورَىٰ بينهم ؛ لأنَّ في ذلك اجتماعَ الكلمة ، والتَّحَابُّ ، واتصالَ الأيْدِي ، والتَّعَاضُدَ على الخير ، وفي الحديث : " مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ قَطُّ إلاَّ هُدُوا لأَحْسَنِ ، مَا بِحَضْرَتِهِمْ " . وقوله تعالى : { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } معناه : في سبيل اللَّه ، وبِرَسْمِ الشَّرْعِ ؛ وقال ابن زيد قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ … } الآية ، نزلت في الأَنصار ، والظاهر أَنَّ اللَّه تعالى مدح كلَّ مَنِ اتَّصَفَ بهذه الصفةِ كائناً مَنْ كَانَ ، وهل حَصَلَ الأنصارُ في هذه الصفة إلا بعد سَبْقِ المهاجرين إليها ـــ رضي اللَّهُ عَنْ جميعهم بِمَنِّه وكرمهِ ـــ . وقوله عز وجل : { وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } : مدح سبحانه في هذه الآية قوماً بالانتصار مِمَّنْ بَغَى عليهم ، ورجح ذلك قوم من العلماء وقالوا : الانتصار بالواجب تغيير منكر ، قال الثعلبيُّ : قال إبراهيم [ النَّخَعِيُّ ] في هذه الآية : كانوا يكرهون أَنْ يُسْتَذَلُّوا ، فإذا قدروا عفوا ، انتهى . وقوله سبحانه : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } قيل : سُمِّي الجزاء باسم الابتداء ، وإن لم يكن سيئة ، لتشابههما في الصورة ، قال * ع * : وإنْ أخذنا السيِّئة هنا بمعنى المصيبة في حَقِّ البشر ، أي : يسوء هذا هذا ويسوءه الآخر ـــ فلسنا نحتاج إلى أنْ نقول : سمى العقوبة باسم الذنب ؛ بل الفعل الأَوَّلِ والآخر سيئة ، قال الفخر : اعلم أَنَّهُ تعالى لما قال : { وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } أردفه بما يَدُلُّ على أَنَّ ذلك الانتصار يجب أَنْ يكون مُقَيَّداً بالمثل ؛ فإنَّ النقصان حَيْفٌ ، والزيادة ظلم ، والمساواة هو العدل ؛ فلهذا السبب قال تعالى : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } انتهى ؛ وَيَدُلُّ على ذلك قوله تعالى : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } ونحوه من الآي ، واللام في قوله : { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } لام التقاء القسم . وقوله : { مِّن سَبِيلٍ } يريد : من سبيل حرج ولا سبيل حكم ، وهذا إبلاغ في إباحة الانتصار ، والخلاف فيه : هل هو بين المؤمن والمُشْرِكِ ، أو بين المؤمنين ؟ .