Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 42-45)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ … } الآية ، المعنى : إنما سبيل الحكم والإثم على الذين يظلمون الناس ، روى التَّرْمِذِيُّ عن كعب بن عُجْرَةَ قال : قال لي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، : " أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبُ مِنْ أُمَرَاءٍ يَكُونُونَ ، فَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ في كَذِبِهِمْ ، وأَعَانَهُمْ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ، فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُ ، وَلاَ يَرِدُ عَلَي الْحَوْضِ ، يا كَعْبُ ، الصَّلاَةُ بُرْهَانٌ ، والصَّبْرُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ ، والصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخطيئة كما يُطْفِىءُ الماءُ النَّارَ ، يا كَعْبُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَىٰ بِهِ " . قال أبو عيسَىٰ : هذا حديثٌ حسنٌ ، وخرَّجه أيضاً في « كتاب الفتن » وصحَّحه ، انتهى . وقوله تعالى : { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } إلى قوله : { أَلِيمٌ } : اعتراضٌ بَيْنَ الكلامَيْنِ ، ثم عاد في قوله : { وَلَمَن صَبَرَ } إلى الكلام الأول ، كأنَّه قال : ولمنِ انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِكَ ما عليهم من سبيل ، { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ … } الآية ، واللام في قوله : { وَلَمَن صَبَرَ } يصِحُّ أنْ تكون لام قَسَمٍ ، ويصح أنْ تكون لام الابتداء ، و { عَزْمِ ٱلاْمُورِ } : مُحْكَمُهَا ومُتْقَنُهَا ، والحميدُ العاقبةِ منها ، فمَنْ رأى أَنَّ هذه الآية هي فيما بين المؤمنين والمشركين ، وأنَّ الصبر للمشركين كان أفضل قال : إنَّ الآية نسخت بآية السيف ، ومَنْ رأى أَنَّ الآية بين المؤمنين ، قال : هي مُحْكَمَةٌ ، والصبر والغفران أفضل إجماعاً ، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " إذَا كَانَ يَوْمُ الْقَيَامَةِ ، نَادَىٰ مُنَادٍ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ ، فَيَقُومُ عَنَقٌ مِنَ النَّاسِ كَبِيرٌ ، فَيُقَالُ : مَا أَجْرُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : نَحْنُ الَّذِينَ عَفَوْنَا عَمَّنْ ظَلَمَنَا في الدُّنْيَا " وقوله تعالى : { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِىٍّ مِّن بَعْدِهِ } تحقير لأمر الكَفَرَةِ ، أي : فلا يُبَالي بهم أحدٌ من المؤمنين ؛ لأنَّهم صائرون إلى ما لا فلاحَ لهم معه ، ثم وصف تعالى لنبيِّه حالهم في القيامة عند رؤيتهم العذاب ، وقولهم : { هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } ومرادهم : الرَّدُّ إلى الدنيا ، والرؤية هنا رؤيةُ عَيْنٍ ، والضميرُ في قوله : { عَلَيْهَا } عائدٌ على النار ، وإنْ لم يتقدَّم لها ذِكْرٌ من حيثُ دَلَّ عليها قوله : { رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ } . وقوله : { مِنَ ٱلذُّلِّ } يتعلق بـ { خـٰشِعِينَ } . وقوله تعالى : { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىِّ } قال قتادة والسُّدِّيُّ : المعنى : يسارقون النَّظَرَ ؛ لما كانوا فيه من الهَمِّ وسوء الحال لا يستطيعون النَّظَرَ بجميعِ العَيْنِ ؛ وإنَّما ينظرون ببعضها ؛ قال الثعلبيُّ : قال يونس : { مِنْ } بمعنى الباء ، ينظرون بطرف خَفِيٍّ ، أي : ضعيف ؛ من أجل الذُّلِّ والخوف ، ونحوُه عن الأخفش ، انتهى ، وفي البخاريِّ { مِن طَرْفٍ خَفِىِّ } ، أي : ذليل . وقوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ … } الآية ، وقول { ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } هو في يوم القيامة عند ما عاينوا حال الكفار وسوء مُنْقَلَبِهِمْ . وقوله تعالى : { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ } يحتمل أنْ يكون من قول المؤمنين يومئذ ، حكاه اللَّه عنهم ، ويحتمل أَنْ يكون استئنافاً من قول اللَّه عز وجل وأخباره لنبيه محمد ـــ عليه السلام ـــ .