Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 6-8)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } هذه آية تسليةٍ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ووعيد للكافرين ، والمعنى : ليس عليك إلاَّ البلاغ فقطْ ، فلا تَهْتَمَّ بعدم إيمان قريشٍ وغيرهم ، اللَّه هو الحفيظُ عليهم كُفْرَهُمْ المُحْصِي لأعمالهم ، المُجَازِي عليها ، وأَنْتَ لَسْتَ بوكيلٍ عليهم ، وما في هذه الألفاظِ مِنْ موادَعَةٍ فمنسوخٌ ؛ قال الإمام الفَخْرُ في شرحه لأسماء الله الحسنى ، عند كلامه على اسمه سبحانه « الحفيظ » : قال بعضهم : ما من عبد حَفِظَ جوارِحَه إلاَّ حَفِظَ اللَّه عليه قَلْبَهُ ، وما من عبد حَفِظَ اللَّهُ عليه قلبه إلاَّ جعله حُجَّةً على عباده ، انتهى ، ثم قال تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءاناً عَرَبِيّاً } [ المعنى : وكما قضينا أمرك هكذا ، وأمضيناه في هذه السورةِ كذلك أوحينا إليك قرآناً عربيّاً ] مبيناً لهم ، لا يحتاجُونَ إلَىٰ آخَرَ سِوَاهُ ، إِذْ فَهْمُهُ مُتَأَتِّ لَهُمْ ، ولم نكلِّفْكَ إِلاَّ إَنذار مَنْ ذكر ، و { أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } هي مكة ، و { يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } هو يوم القيامة ، أي : تخوفهم إيَّاهُ . وقوله : { فَرِيقٌ } مرتَفِعٌ على خبر الابتداء المُضْمَرِ ؛ كأنَّه قال : هُمْ فريقٌ في الجنة ، وفريقٌ في السَّعِيرِ ، ثم قَوَّىٰ تعالى تسليةَ نَبِيِّه بأَنْ عَرَّفَه أَنَّ الأمر موقوفٌ على مشيئة اللَّه من إيمانهم أو كُفْرهم ، وأَنَّه لو أراد كونهم أُمَّةً واحدةً على دينٍ واحدٍ ، لجمعهم عليه ؛ ولكِنَّه سبحانه يدخل مَنْ سبقَتْ له السعادةُ عنده في رحمته ، ويُيَسِّره في الدنيا لعمل أهل السعادة ، وأَنَّ الظالمين بالكفر المُيَسَّرِينَ لعمل الشقاوة ما لهم من ولي ولا نصير ، قال عبدُ الحَقِّ ـــ رحمه اللَّه ـــ في « العاقبة » : وقد علمتَ ( رحمك اللَّه ) أَنَّ الناس يوم القيامة صنفان : صنف مُقَرَّبٌ مُصَانٌ . وآخر مُبْعَدٌ مُهَانٌ . صنف نُصِبَت لهم الأَسِرَّة والحِجَال ؛ والأرائكُ والكِلاَل ؛ وجُمِعَتْ لَهُمُ الرغائبُ والآمالُ . وآخَرُونَ أُعِدَّتْ لهم الأراقمُ والصِّلاَلِ ؛ والمقامعُ والأغلالِ ؛ وضروبُ الأهوال والأنْكَال ، وأنْتَ لا تعلم من أَيِّهما أنْتَ ؛ ولا في أَيِّ الفريقَيْن كُنْتَ : [ الكامل ] @ نَزَلُوا بِمَكَّةَ في قَبَائِلِ نَوْفَل وَنَزَلْتُ بِالْبَيْدَاءِ أَبْعَدَ مَنْزِلِ وَتَقَلَّبُوا فَرِحِينَ تَحْتَ ظِلاَلِهَا وَطُرِحْتُ بِالصَّحْرَاءِ غَيْرَ مُظَلَّلِ وَسُقُوا مِنَ الصَّافي الْمُعَتَّقِ رِيُّهُم وَسُقِيتُ دَمْعَةَ وَالِهٍ مُتَمَلْمِلِ @@ بكى سفيانُ الثوريُّ ـــ رحمه اللَّه ـــ ليلةً إلى الصَّبَاحِ ، فقيل له : أبكاؤك هذا على الذنوب ؟ فأخذ تِبْنَةً من الأرض ، وقال : الذنوبُ أَهْوَنُ من هذا ؛ إنَّما أَبْكِي ؛ خوفَ الخاتمةِ ، وبَكَى سفيان ، وغير سفيان ، وَإنَّهُ لِلأَمْر يُبْكَىٰ عليه ؛ وَيصرف الاهتمام كلّه إليه . وقد قيل : لا تَكُفَّ دَمْعَك ؛ حَتَّىٰ تَرَىٰ في المعاد رَبْعَك . وقيل : يابْنَ آدم ، الأقلام عليك تَجْرِي ، وأنْتَ في غفلة لا تَدْرِي ، يابْنَ آدمَ دَعِ التنافُسَ في هذه الدار ، حتى تَرَىٰ ما فَعَلَتَ في أمرِكَ الأَقْدَار ، سمع بعض الصالحينَ مُنْشِداً ينشد : [ الطويل ] @ أَيَا رَاهِبِي نَجْرَانَ مَا فَعَلَتْ هِنْد … @@ فبكَىٰ ليلةً إلى الصباح ، فَسُئِلَ عن ذلك فقال : قلتُ في نفسي : ما فعلَتِ الأقدار فيّ ؛ وماذا جَرَتْ به عَلَيّ ؟ انتهى .