Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 57-59)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً … } الآية ، روي عن ابن عباس وغيره في تفسيرها ؛ أَنَّهُ لما نَزَلَتْ : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ } [ آل عمران : 59 ] الآية ، وكَوْنُ عيسَىٰ من غير فَحْلٍ ـــ قالت قريشٌ : ما يريد محمدٌ من ذكر عيسَىٰ إلاَّ أَنْ نعبده نَحْنُ كما عَبَدَتِ النصارَىٰ عيسَىٰ ، فهذا كان صدودُهُمْ . وقوله تعالى : { وَقَالُواْ ءَالِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ … } هذا ابتداء معنى ثان ، وذلك أَنَّهُ لما نزل : { إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] الآية ، قال [ ابن ] الزِّبَعْرَى ونظراؤه : يا محمد ، أآلهتنا خير أم عيسَىٰ ؟ فنحن نرضَىٰ أنْ تكُونَ آلهتنا مع عِيسَىٰ ؛ إذْ هُوَ خَيْرٌ منها ، وإذْ قد عُبِدَ ، فهو من الحَصَبِ إذَنْ ، فقال اللَّه تعالى : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ } ومغالطةً ، ونَسُوا أَنَّ عيسَىٰ لم يُعْبَدْ برضاً منه ، وقالتْ فرقةٌ : المراد بـ { هُوَ } محمَّد صلى الله عليه وسلم وهو قولُ قتادة ، وفي مصحف [ أُبَيٍّ ] : « خَيْرٌ أَمْ هَذَا » فالإشارة إلى نِبِيِّنا محمد ـــ عليه السلام ـــ ، وقال ابن زيد وغيره : المراد بـ { هُوَ } عيسى ، وهذا هو الراجح ، ثم أخبر تعالى عنهم أَنَّهم أهلُ خصامٍ ولَدَدٍ ، وأخبر عن عيسى بقوله : { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } أي : بالنبوَّة والمنزلة العالية . * ت * : ورُوِّينَا في « جامع الترمذيِّ » عن أبي أُمَامَةَ قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إلاَّ أُوتُوا الجَدَلَ ، ثم تلا هذه الآية : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } " قال أبو عيسَىٰ : هذا حديث حسنٌ صحيحٌ ، انتهى . وقوله : { وَجَعَلْنَـٰهُ مَثَلاً } أي : عبرةً وآية { لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } والمعنى : لا تستغربوا أَنْ يُخْلَقَ عيسَىٰ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ ؛ فَإنَّ القُدْرَةَ تقتضي ذلك ، وأكثر منه .