Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 23-24)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ … } الآيَة : تسليةٌ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أي : لا تَهْتَمَّ بأمر الكَفَرَةِ من أجل إعراضهم عن الإيمان ، وقوله : { إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } إشارة إلى الأصنام ؛ إذ كانوا يعبدون ما يَهْوَوْنَ من الحجارة ، وقال قتادة : المعنى : لا يَهْوَى شيئاً إلا رَكِبَهُ ، لا يخافُ اللَّه ؛ فهذا كما يقال : الهَوَىٰ إلٰهٌ مَعْبُودٌ ، وهذه الآية وإنْ كانت نزلَتْ في هَوَى الكُفْر ؛ فهِي مُتَنَاوِلَةٌ جميعَ هوى النفس الأَمَّارَةِ ؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ، وَتَمَنَّىٰ عَلَى اللَّهِ " ، وقال سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ : هَوَاكَ دَاؤُكَ ؛ فَإنْ خَالَفْتَهُ فَدَوَاؤُك ، ، وقال وهْبٌ : إذا عَرَضَ لك أمران ، وشككْتَ في خَيْرِهِمَا ، فَٱنظُرْ أَبْعَدَهُمَا مِنْ هَوَاكَ فَأْتِهِ ؛ ومن الحكمة في هذا قول القائل : [ الطويل ] @ إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْصِ الْهِوَىٰ قَادَكَ الْهَوَىٰ إلَىٰ كُلِّ مَا فيهِ عَلَيْكَ مَقَالُ @@ قال الشيخ ابن أبي جَمْرَةَ : قولُهُ صلى الله عليه وسلم : " فَيُقَالُ : مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئاً فَلِيَتْبَعْهُ " « شيئاً » يعم جَمِيعَ الأشياء ، مُدْرَكَةً كانَتْ أو غَيْرَ مُدْرَكَةٍ ، فالمُدْرَكُ : كالشمس والقمر ، وَغَيْرُ المُدْرَكِ ، مِثْلُ : الملائكة والهَوَىٰ ؛ لقوله عزَّ وجَلَّ : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } ، وما أشبه ذلك ، انتهى ، ، قال القُشَيْرِيُّ في « رسالته » : وحُكِيَ عن أبي عمران الواسطيِّ قال : ٱنكسرَتْ بنا السفينةُ ، فَبَقِيتُ أنا وٱمْرَأَتِي على لَوْحٍ ، وقد وَلَدَتْ في تِلْكَ الحَالِ صَبِيَّةٌ ، فصَاحَتْ بي ، وقالت : يَقْتُلُنِي العَطَشُ ، فقلْتُ : هو ذا يَرَىٰ حالَنَا ، فرفعتُ رَأْسِي ، فإذا رجُلٌ في الهواء جالِسٌ في يده سِلْسِلَةٌ من ذَهَبٍ ، وفيها كُوزٌ من ياقُوتٍ أَحْمَرَ ، فقال : هَاكَ ، ٱشْرَبَا ، قال : فأخذتُ الكُوزَ فَشَرِبْنَا منه ، فإذا هو أطيبُ مِنَ المِسْكِ ، وأبردُ مِنَ الثَّلْجِ ، وأحلَىٰ من العَسَلِ ، فقلت : مَنْ أَنْتَ ـــ رَحِمَكَ اللَّه ؟ ـــ فقال : عبدٌ لمولاكَ ، فقلْتُ له : بِمَ وَصَلْتَ إلَىٰ هذا ؟ فقال : تركْتُ هَوَايَ لمَرْضَاتِهِ ، فأجلَسَنِي في الهواء ، ثُمَّ غَابَ عَنِّي ، ولم أره ، انتهى . وقوله تعالى : { عَلَىٰ عِلْمٍ } قال ابن عباس : المعنى : على عِلْمٍ من اللَّه تعالى سَابِقٍ ، وقالت فرقة : أي : على عِلْمٍ من هذا الضَّالِّ بتَرْكِهِ للحَقِّ وإعراضِهِ عنه ، فتكُونُ الآية علَىٰ هذا التأويل من آيات العِنَادِ ؛ من نحو قوله : { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } [ النمل : 14 ] . وقوله تعالى : { وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً } استعاراتٌ كُلُّهَا . وقوله : { مِن بَعْدِ ٱللَّهِ } فِيهِ حَذْفُ مضافٍ ، تقديره : مِنْ بعدِ إضلالِ اللَّهِ إيَّاه ، واخْتُلِفَ في معنى قولهم : { نَمُوتُ وَنَحْيَا } فقالت فرقة : المعنى : يَمُوتُ الآباء ، ويحيا الأبناء ، وقالت فرقة : المَعْنَىٰ : نَحْيَا ونَمُوتُ ، فوقع في اللفظ تقديم وتأخير ، وقولهم : { وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } أي : طولُ الزمانِ .