Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 17-19)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ } قال الثعلبيُّ : معناه : إذ دَعَوَاهُ إلى الإيمان ، { أُفٍّ لَّكُمَا … } الآية ، انتهى ، و { ٱلَّذِى } يعنى به الجِنْسِ عَلَىٰ حَدِّ العموم في التي قبلها في قوله : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَـٰنَ } ؛ هذا قول الحسن وجماعة ، ويشبه أَنَّ لها سبباً من رَجُلٍ قال ذلك لأبويه ، فلما فرغ من ذكر المُوَفَّقِ ، عَقَّبَ بذكر هذا العَاقِّ ، وقد أنكرتِ عائِشَةُ أنْ تكونَ الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بَكْر ، وقالت : مَا نَزَلَ في آلِ أبي بَكْرٍ مِنَ القُرْآنِ غَيْرُ بَرَاءَتِي . * ت * : ولا يُعْتَرَضُ عليها بقوله تعالى : { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ } [ التوبة : 40 ] ولا بقوله : { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ } [ النور : 22 ] كما بَيَّنَّا ذلك في غير هذه الآية ، قال * ع * : والأَصوبُ أنْ تكونَ الآية عامَّةً في أَهل هذه الصفات ، والدليلُ القاطعُ على ذلك : قوله تعالى : { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِى أُمَمٍ } وكان عبدُ الرحمن بن أبي بكر ـــ رضي اللَّه عنه ـــ من أفاضل الصحابة ، ومن أبطال المسلمين ، ومِمَّنْ له في الإسلام غَنَاءٌ يومَ اليمامة وغيره ، و { أُفٍّ } بالتنوين قراءة نافع وغيره ، والتنوينُ في ذلك عَلاَمَةُ تنكيرٍ ؛ كما تَسْتَطْعِمُ رَجُلاً حَدِيثاً غَيْرَ مُعَيَّنٍ فتقول : « إيهٍ » منونةً ، وإنْ كان حديثاً مُشَاراً إليه قلت : « إيهِ » بغير تنوين . وقوله : { أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ } المعنى : أَنْ أُخْرَجَ مِنَ القَبْرِ إلى الحَشْرِ ، وهذا منه استفهامٌ بمعنى الهُزْءِ والاِستبعاد . { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى } معناه : هَلَكَتْ ومَضَتْ ، ولم يخرجْ منهم أحد ، { وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } يعني : الوالدَيْنِ يقُولاَنِ له : { وَيْلَكَ ءَامِنْ } . وقوله : { مَا هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي : ما هذا القول الذي يتضمَّنُ البَعْثَ من القبور إلاَّ شيءٌ سَطَرَهُ الأَوَّلُون في كتبهم ، يعني : الشرائعَ ، وظاهر ألفاظ هذه الآية أَنَّها نزلَتْ في مُشَارٍ إليه ، قال : وقِيلَ له ، فنعى اللَّه إلينا أقواله ؛ تحذيراً من الوقوع في مثلها . وقوله : { أُوْلَـٰئِكَ } ظاهره أَنَّها إشارة إلَىٰ جنْسٍ ، و { حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي : قول اللَّه : إنَّهُ يُعَذِّبُهُم ؛ قال أبو حَيَّان { فِى أُمَمٍ } أي : في جملة أُمَمٍ فـ « في » على بابها ، وقيل : { فِى } بمعنى مع ، وقد تقدم ذلك ، انتهى . وقوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } يقتضى أَنَّ الجِنَّ يموتون ، وهكذا فَهِمَ الآية قتادة ، وقد جاء حديثٌ يقتضى ذلك . وقوله سبحانه : { وَلِكُلٍّ دَرَجَـٰتٌ } يعني : المحسنين والمُسِيئِين ، قال ابن زيد : ودرجات المحسنين تذهبُ عُلْواً ، ودرجاتُ المسيئين تذهب سُفْلاً ، وباقي الآية بَيِّنٌ في أَنَّ كُلَّ امرىءٍ يجتني ثَمَرَةَ عَمَلِهِ مِنْ خَيْرٍ أو شَرٍّ ، ولا يُظْلَمُ في مجازاته .