Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 22-24)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ } مخاطبةٌ لهؤلاءِ الذينَ في قلوبهم مرضٌ ، والمعنى : فهل عَسَىٰ أَنْ تفعلُوا إنْ تولَّيتم غيرَ أنْ تُفْسِدُوا في الأرض ، وتُقَطِّعُوا أرحامكم ، ومعنى { إِن تَوَلَّيْتُمْ } أي : إنْ أعرضتم عن الحَقِّ ، وقيل المعنى : إنْ توليتم أمور الناس من الولاية ؛ وعلى هذا قيل : إنَّها نزلَتْ في بني هاشِمٍ ، وبني أُمَيَّةَ ذكره الثعلبيُّ . * ت * : وهو عندي بعيدٌ لقوله : { أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } فتعيَّن التأويل الأَوَّل ، واللَّه أعلم . وفي البخاريِّ عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ " يعني : قاطعَ رحِمٍ ، وفيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ ـــ فَليَصِلْ رَحِمَهُ " اهـــ ، وفي « صحيح مسلم » عن عائشةَ قالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ : مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ " وفي رواية : " لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ " وفي طريق : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَيُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " وخرَّجه البخاريُّ من طريق أبي هريرةَ ؛ على ما تقدَّم ، وخرَّج البخاريُّ عن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ ، حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ ، قَالَتِ الرَّحِمُ : هَذَا مُقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكَ ، وأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكَ ؟ قَالَتْ : بَلَىٰ يَا رَبِّ ، قَالَ : فَهُوَ لَكِ ، قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : فَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ } " وفي رواية : قال الله : " مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ " انتهى . ورَوَىٰ أبو داودَ في « سُنَنِهِ » عن عبد الرحمن بن عَوْفٍ قال : سمعتُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول : " قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أنا الرَّحْمٰنُ ، وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا مِنْ اسْمِي ، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ " . انتهى . وقوله تعالى : { أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } إشارة إلى المرضى القلوب المذكورين . وقوله : { فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ } : استعارةٌ لعدم فهمهم . وقوله عزَّ منْ قائِلٍ : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ … } الآية : توقيفٌ وتوبيخٌ ، وتَدَبُّرُ القرآن زعيم بالتبيين والهُدَىٰ لمتأمِّله . * ت * : قال الهرويُّ : قوله تعالى : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ } معناه : أفلا يتفكَّرُون فيعتبرون ؛ يُقَالُ : تَدَبَّرْتُ الأمر : إذا نظرتَ في أدباره وعواقبه ، انتهى . وقوله تعالى : { أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } معناه : بل على قلوب أَقفالها ، وهو الرَّيْنُ الذي منعهم من الإيمان ، ورُوِيَ أَنَّ وَفْدَ اليَمَنِ وَفَدَ على النبي صلى الله عليه وسلم وفيهمْ شَابٌّ ، فقرأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ ، فقال الفتى : عَلَيْهَا أَقْفَالُهَا حَتَّىٰ يَفْتَحَها اللَّهُ تَعَالَىٰ ويُفَرِّجَهَا ، قَالَ عُمَرُ : فَعَظُمَ في عَيْنِي ، فما زَالَتْ في نَفْس عُمَرَ - رضي اللَّه عنه - حَتَّىٰ وَلِيَ الخلاَفَة فَٱسْتَعَانَ بِذَلِكَ الفَتَىٰ .