Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 31-32)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً … } الآية : قيل : أصبح في ثاني يومٍ قتله يطلب إخفاء أَمْرِ قتله ، فلم يَدْرِ ما يصنعُ به ، فبعث اللَّه غراباً حيًّا إلى غرابٍ ميتٍ ، فجعل يبحَثُ في الأرض ، ويُلْقِي الترابَ على الغُرَاب الميِّت ، وظاهرُ الآية أنَّ هابيلَ هو أول مَيِّتٍ من بني آدم ، ولذلك جَهِلَ سُنَّة المواراةِ ؛ وكذلك حكى الطبريُّ ، عن ابن إسحاقَ ، عن بعض أَهْلِ العِلْمِ بما في الكُتُب الأَوَلِ ، والسَّوْءَةُ : العورةُ ، ويحتمل أن يراد الحالة التي تَسُوء النَّاظر ، ثم إن قابيلَ وارَىٰ أخَاه ، ونَدِمَ علَىٰ ما كان منه مِنْ معصية في قَتْله ، حيث لا ينفعه الندم . واختلف العلماء في قابيلَ ، هل هو مِنَ الكُفَّار أو من العُصَاة ، والظاهر أنه من العُصَاة ، قال الفَخْر : ولم ينتفعْ قابيلُ بندمه ؛ لأن نَدَمَهُ كان لأسبابٍ ؛ منها : سَخَط أبويه وإخوته ، وعدمُ انتفاعه بقتله ، وَنَحْوُ ذلك ، ولما كان ندمه لهذه الأسبابِ لا لأجْلِ الخَوْف من اللَّه تعالَىٰ ، فلا جَرَمَ لم ينفعْهُ هذا الندَمُ . وقوله تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ } هو إِشارة إلى ما تضمَّنته هذه القصَّة من أنواع المفاسِدِ الحاصلة بسبب القَتْل الحرامِ ، لا أنه إشارة إلى قصة قابيلَ وهابيلَ . انتهى . وقوله سبحانه : { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرٰءِيلَ … } الآية : جمهورُ النَّاس علَىٰ أن قوله : { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ } : متعلِّق بقوله : { كَتَبْنَا } أي : من أجل هذه النازلة ، ومِنْ جَرَّاها ؛ كتبنا ، وقالَ قومٌ : بل هو متعلِّق بقوله : { مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ } أي : ندم ؛ من أجل ما وقع ، والوقْفُ ؛ علَىٰ هذا ، على { ذٰلِكَ } ، والناس على أن الوَقْف { مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ } ، ويقال : فعلْتُ ذلك مِنْ أَجْلِكَ ـــ بفتح الهمزة ـــ ومِنْ إجْلِكَ ـــ بكسرها ـــ . وقوله سبحانه : { بِغَيْرِ نَفْسٍ } أي : بغير أن تَقْتُلَ نفْسٌ نفْساً ، والفسادُ في الأرض : يجمع الزنا ، والارتداد ، والحِرَابة . وقوله سبحانه : { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } روي عن ابن عباس ؛ أنه قال : المعنَىٰ : مَنْ قتل نفساً واحدةً ، وٱنتهكَ حرمتها ، فهو مِثْلُ مَنْ قتل الناس جميعاٌ ، ومَنْ ترك قتْلَ نفسٍ واحدةٍ ، وصان حرمتها ؛ مخافَتِي ، وٱستحياها ، فهو كَمَنْ أحيا الناسَ جميعاً ، قال الحسنُ وابْنُ زيدٍ : { وَمَنْ أَحْيَـٰهَا } أي : عفا عمَّن وَجَبَ له قتلُهُ بعد القدرة ، وقيل غير هذا . ثم أخبر تعالَىٰ عن بني إسرائيل ؛ أنهم جاءتهم الرسُلُ بالبيِّنات في هذا وفي سِوَاه ، { ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ } في كُلِّ عَصْر يسرفُونَ ، ويتجاوزون الحُدُود .