Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 35-37)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُواْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ … } الآية : هذه الآية وعْظٌ من اللَّه تعالَىٰ بعقب ذكر العقوبات النازلة بالمحاربين ، وهذا من أبلغ الوعْظ ؛ لأنه يرد على النفوس ، وهي خائفةٌ وجِلَةٌ { وَٱبْتَغُواْ } : معناه : اطلبوا ، و { ٱلْوَسِيلَةَ } : القُرْبَةُ ، وأما الوسيلةُ المطلوبةُ لنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، فهي أيضاً من هذا ؛ لأن الدعاء له بالوسيلةِ والفضيلةِ إنما هو أنْ يُؤْتَاهُما في الدنيا ، ويتَّصف بهما ، ويكونُ ثمرةُ ذلك في الآخرةِ التشفيعَ في المَقَامِ المحمودِ ، قلْتُ : وفي كلامه هذا ما لا يخفَىٰ ، وقد فسر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الوسيلةَ التي كان يَرْجُوها من ربه ، " وأَنَّهَا دَرَجَةٌ فِي الجَنَّةِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ … " الحديث ، وخص سبحانه الجهادَ بالذكْر ، وإن كان داخلاً في معنى الوسيلة تشريفاً له ؛ إذ هو قاعدةُ الإسلام . وقوله تعالى : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } : إخبار بأنهم يتمنَّوْنَ هذا ، وقال الحسنُ بْنُ أبي الحسن : إذا فَارَتْ بهم النارُ ، قَرُبُوا من حاشيتها ، فحينئِذٍ يريدونَ الخُرُوجَ ، ويطمعون به ، وتأوَّل هو وغيره الآية علَىٰ هذا ؛ قلْتُ : ويؤيِّده ما خرَّجه البخاريُّ في رؤية النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ " حَيْثُ أَتَاهُ آتيَانِ ، فَأَخَذَا بِيَدِهِ " ، وفيه : " فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهْرِ ، فَإذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ، رمى الرجل بِحَجَرٍ فِي فِيهِ " ، وفيه أيضاً : " فَانْطَلَقْنَا إلَىٰ ثُقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ تَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارٌ ، فَإذَا ٱقْتَرَبَ ، ٱرْتَفَعُوا ، فَإذَا خَمَدَتْ ، رَجَعُوا فِيهَا ، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ فَقَالاَ : ٱنْطَلَقَ " الحديث ، وأخبر سبحانه عن هؤلاءِ الكفَّار ؛ أنهم ليسوا بخارجين من النار ، بل عذابهم فيها مقيمٌ مؤبَّد .