Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 60-63)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً } ، يعني : مرجعاً عند اللَّه يوم القيامة ؛ ومنه : { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ } [ البقرة : 125 ] ، ومشى المفسِّرون في هذه الآية علَىٰ أنَّ الذين أُمِرَ ـــ عليه السلام ـــ أنْ يقول لهم : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ } هم اليهودُ والكُفَّار المتَّخِذُون دينَنَا هُزُواً ولعباً ؛ قال ذلك الطبريُّ ، وتُوبِعَ عليه ، ولم يُسْنِدْ في ذلك إلَىٰ متقدِّم شيئاً ، والآيةُ تحتملُ أنْ يكون القول للمؤمنين ، أي : قُلْ يا محمَّد ، للمؤمنين : هَلْ أنبئكم بِشَرٍّ مِنْ حال هؤُلاء الفاسِقِينَ في وَقْتِ المَرْجِعَ إلى اللَّهِ ؛ أولئك أسلافهم الَّذين لعنهم اللَّه ، وغَضِبَ عليهم . وقوله سبحانه : { وَجَعَلَ } ، هِيَ بمعنَىٰ « صَيَّرَ » ، وقد تقدَّم قصص مَسْخِهِمْ قِرَدَةً في « البقرة » ، و { عَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَ } : تقديره : ومَنْ عبَدَ الطاغوتَ ، وقرأ حمزةُ وحده « وعَبُدَ الطَّاغُوتِ » ـــ بفتحِ العين ، وضمِّ الباءِ ، وكسرِ التاء مِنَ الطاغوت ـــ ؛ وذلك أنَّ « عَبُدَ » لفظُ مبالغةٍ ؛ كقَدُسَ . قال الفَخْر : قيل : الطاغوتُ هنا : العِجْلُ ، وقيل : الطاغوتُ أحبارهم ، وكلُّ من أطاع أحداً في معصية اللَّهِ فقد عبده . انتهى . و { مَكَاناً } : يحتمل أن يريد في الآخرةِ ، فالمكان علَىٰ وجْهه ، أي : المحلّ إذْ محلُّهم جهنَّم ، ويحتملُ أنْ يريد في الدنيا ، فهي استعارةٌ للمكانةِ ، والحالةِ . وقوله سبحانه : { وَإِذَا جَاءُوكُمْ } يعني : اليهودَ ، وخاصَّة المنافقين منهم ؛ قاله ابن عباس وغيره . وقوله : { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } : أي : من الكُفْر ، والرؤيةُ هنا تَحْتملُ أنْ تكون قلبيةً ، وأنْ تكون بَصَرِيَّةً ، و { فِي ٱلإِثْمِ } ، أي : موجباتِ الإثمِ ، واللامُ في : { لَبِئْسَ } : لام قَسَم . وقوله تعالى : { لَوْلاَ يَنْهَـٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ } : تحضيضٌ في ضمنه توبيخٌ لهم ، قال الفَخْر : والمعنَىٰ : هَلاَّ ينهاهم . انتهى . قال الطبريُّ : كان العلماءُ يقُولُون : ما في القرآن آيةٌ هي أشَدُّ توبيخاً للعلماءِ من هذه الآية ، ولا أخْوَفُ عليهم منْها . وقال الضحَّاك بنُ مُزَاحِمٍ : ما في القُرآنِ آيةٌ أخْوَفُ عندي منها ؛ أنَّا لا نَنْهَىٰ ؛ وقال نحو هذا ابنُ عَبَّاس . وقوله سبحانه : { عَن قَوْلِهِمُ ٱلإثْمَ } : ظاهره أنَّ الإثم هنا يرادُ به الكُفْر ، ويحتمل أن يراد سَائِرُ أقوالهم المُنْكَرَة في النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وقرأ ابن عباس : « بِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ » ؛ بغير لام قَسَم .