Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 23-28)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ } قال جماعة من المفسرين : يعني قرينه من زبانية جهنم ، أي : قال هذا العذاب الذي لدي لهذا الكافر ، حاضر ، وقال قتادة وابن زيد : بل قرينه المُوَكَّلُ بسوقه ، قال * ع * : ولفظ القرين اسم جنس ، فسائقه قرين ، وصاحبُه من الزبانية قرين ، وكاتب سيئاته في الدنيا قرين ، والكُلُّ تحتمله هذه الآية ، أي : هذا الذي أحصيتُهُ عليه عتيد لَدَيَّ ، وهو مُوجِبُ عذابه ، والقرين الذي في هذه الآية غيرُ القرين الذي في قوله : { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } إذ المقارنة تكون على أنواع . وقوله سبحانه : { أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } المعنى : يقال : أَلْقِيَا في جهنَّمَ ، واخْتُلِفَ لمن يُقَالُ ذلك ، فقال جماعة : هو قول لِمَلَكَيْنِ من ملائكة العذاب . وقال عبد الرحمن بن زيد : هو قول للسائق والشهيد . وقال جماعة من أهل العلم باللغة : هذا جارٍ على عادة كلام العرب الفصيح أنْ يُخَاطَبَ الواحدُ بلفظ الاثنين ؛ وذلك أَنَّ العربَ كان الغالبُ عندها أنْ يترافق في الأسفار ونحوها ثَلاَثَةٌ ، فَكُلُّ واحد منهم يخاطِبُ اثنين ، فَكَثُرَ ذلك في أشعارها وكلامها ، حَتَّى صار عُرْفاً في المخاطبة ، فاسْتُعْمِلَ في الواحد ، ومن هذا قولهم في الأشعار : [ من الطويل ] @ خَلِيلَيَّ … … وصَاحِبَيَّ … … @@ [ ومن الطويل ] @ قِفَانَبْكِ … … @@ ونحوه . وقال بعض المتأولين : المراد « أَلْقِيَنْ » ، فَعُوِّضَ من النون ألفٌ ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : « أَلْقِياً » بتنوين الياء ، و « عنيد » معناه : عَانِدٌ عن الحق ، أي : مُنْحَرِفٌ عنه . وقوله تعالى : { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } لفظ عامٌّ للمالِ والكلام الحَسَنِ والمُعَاوَنَةِ على الأشياء ، و { مُعْتَدٍ } معناه : بلسانه ويده . وقوله سبحانه : { ٱلَّذِى جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ … } الآية ، يحتمل أنْ يكون { ٱلَّذِى } بدلاً من { كَفَّارٍ } ، أو صفةً له ، وَيَقْوَى عندي أَنْ يكونَ { ٱلَّذِى } ابتداءً ويتضمن القولُ حينئذ بني آدم والشياطينَ المغوينَ لهم في الدنيا ، ولذلك تَحَرَّكَ القرينُ ، الشيطانُ المُغْوِي ، فرام أَنْ يُبْرِىءَ نفسه ويخلصها بقوله : { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } . وقوله : { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } ليست بحجة ؛ لأَنَّهُ كَذَبَ أَنْ نفى الإطغاء عن نفسه جملةً ، وهو قد أطغاه بالوسوسة والتزيينِ ، وأَطغاه اللَّه بالخلق والاختراع حسب سابق قضائه الذي هو عدل منه ، سبحانه لا رَبَّ غيرُه . وقوله سبحانه : { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } معناه : قال اللَّه : لا تختصموا لديَّ بهذا النوع من المقاولة التي لا تفيد شيئاً { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } وهو ما جاءت به الرسلُ والكتب ، وجُمِعَ الضمير ؛ لأَنَّه مخاطبة لجميع القرناء ؛ إذ هو أمر شائع لا يقف على اثنين فقط .