Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 29-31)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } أي : لا ينقض ما أبرمه كلامي من تعذيب الكفرة ، ثم أزال سبحانه موضعَ الاعتراض بقوله : { وَمَا أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي : هذا عدل فيهم ؛ لأَنِّي أنذرت ، وأمهلت ، وأنعمتُ ، وقرأ الجمهور : « يَوْمَ نَقُولُ » بالنون ، وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر بالياء ، وهي قراءة أهل المدينة ، قال * ع * : والذي يترجَّحُ في قول جهنم : { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أَنَّها حقيقة ، وأَنَّها قالت ذلك ، وهي غير ملأى ، وهو قول أنس بن مالك ، ويبين ذلك الحديث الصحيح ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " يَقُولُ اللَّهُ لِجَهَنَّمَ : هَلِ امْتَلأْتِ ؟ وَتَقُولُ : هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ؟ ! حَتَّى يَضَعَ الجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ ، فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ ، وَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ " ولفظ البخاريِّ عن أبي هريرةَ قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَتِ النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ : مَا لِيَ ، لاَ يَدْخُلُنِي إلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ ؟ ! فَقَالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلَّنارِ : إنَّما أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةِ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا ، فَأَمَّا النَّارُ فَلاَ تَمْتَلِىء حَتَّى يَضَعَ [ الجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ ] فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ ، فَهُنَاكَ تَمْتَلِىءُ وَيَزْوِي بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ ، وَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَداً ، وَأَمَّا الجَنَّةُ فَإنَّ اللَّهَ يُنْشِىءُ لَهَا خَلْقَاً " انتهى ، قال * ع * : ومعنى : « قدمه » ما قَدَّمَ لها من خلقه وجعلهم في علمه ساكنيها ؛ ومنه : { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } [ يونس : 2 ] ومِلاَكُ النظر في هذا الحديث أَنَّ الجارحةَ ، والتشبيهَ ، وما جرى مجراه ـــ مُنْتَفٍ كُلُّ ذلك عن اللَّه سبحانه ، فلم يبقَ إلاَّ إخراجُ اللفظ على الوجوه السائغة في كلام العرب . { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ } معناه : قُرِّبَتْ ، ولما احتمل أنْ يكونَ معناه بالوعد والإخبار رفع الاحتمال بقوله : { غَيْرَ بَعِيدٍ } قال أبو حيان : { غَيْرَ بَعِيدٍ } أي : مكاناً غيرَ بعيد ؛ فهو منصوب على الظرف ، وقيل : منصوب على الحال من الجنة ، انتهى .