Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 22-23)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَفِى ٱلسَّمَاءِ رِزْقُكُمْ } قال مجاهد وغيره : هو المطر ، وقال واصل الأحدب : أراد القضاء والقدر ، أي : الرزق عند اللَّه يأتي به كيف شاء سبحانه لا رَبَّ غيرُه ، و { تُوعَدُونَ } يحتمل أَنْ يكونَ من الوعد ، ويحتمل أَنْ يكونَ من الوعيد ؛ قال الضَّحَّاكُ . المُرَادُ : من الجنة والنار ، وقال مجاهد : المرادُ : الخيرُ والشَّرُّ ، وقال ابن سيرين : المراد : الساعة ، ثم أقسم سبحانه بنفسه على صِحَّةِ هذا القول والخبر ، وشَبَّهَهُ في اليقين به بالنُّطْقِ من الإنسان ، وهو عنده في غاية الوضوح ، و « ما » زائدة تعطي تأكيداً ، والنطق في هذه الآية هو الكلام بالحروف والأصوات في ترتيب المعاني ، ورُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الأعراب الفصحاء سَمِعَ هذه الآيةَ فقال : مَنْ أَحْوَجَ الكريمَ إلى أَنْ يحلف ؟ ! والحكاية بتمامها في كتاب الثعلبيِّ ، وسبل الخيرات ، ورُوِيَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " قَاتَلَ اللَّهُ قَوْماً ، أَقْسَمَ لَهُمْ رَبُّهُمْ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ " ورَوَى أبو سعيد الخُدَرِيُّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَوْ فَرَّ أَحَدُكُمْ مِنْ رِزْقِهِ لَتَبِعَهُ كَمَا يَتْبَعُهُ المَوْتُ " وأحاديث الرزق كثيرة ، ومن كتاب « القصد إلى اللَّه سبحانه » للْمُحَاسِبِيِّ : قال : قلتُ لشيخنا : من أين وقع الاضطرابُ في القلوب ، وقد جاءها الضمانُ من اللَّه عز وجل ؟ قال : من وجهين . أحدهما : قِلَّةُ المعرفة بحُسْنِ الظَّنِ ، وإلقاءِ التُّهَمِ عن اللَّه عز وجل . والوجه الثاني : أنْ يعارضها خوفُ الفَوْت ، فتستجيبَ النفسُ للداعي ، ويَضْعُفَ اليقينُ ، ويَعْدِمَ الصبرُ ، فيظهرَ الجَزَعُ . قلتُ : شيءٌ غيرُ هذا ؟ قال : نعم ، إنَّ اللَّه عز وجل وَعَدَ الأرزاق ، وضَمِنَ ، وغَيَّبَ الأوقات ؛ ليختبرَ أهلَ العقول ، ولولا ذلك لكان كُلُّ المؤمنين راضين صابرين متوكِّلِين ، لكنَّ اللَّه عز وجل أعلمهم أَنَّهُ رازقهم ، وحَلَفَ لهم على ذلك ، وغَيَّبَ عنهم أوقاتَ العطاء ، فَمِنْ ها هنا عُرِفَ الخَاصّ من العامِّ ، وتفاوت العبادُ في الصبر ، والرضا ، واليقين ، والتوكل ، والسكون ، فمنهم ـــ كما علمتَ ـــ ساكنٌ ، ومنهم متحرك ، ومنهم راض ، ومنهم ساخط ، ومنهم جَزِعٌ ، فعلى قَدْرِ ما تفاوتوا في المعرفة ـــ تفاوتوا في اليقين ، وعلى قَدْرِ ما تفاوتوا في اليقين ـــ تفاوتوا في السكون والرضا والصبر والتوكل . اهـــ .