Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 35-36)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ } قال الثعلبيُّ : قال ابن عباس : من غير أَبٍ ولا أُمٍّ ، فهم كالجماد لا يعقلون ، ولا تقوم للَّه عليهم حُجَّةٌ ، أليسوا خُلِقُوا من نطفة وعلقة ، وقال ابن كَيْسَانَ : أَمْ خلقوا عَبَثاً ، وَتُرِكُوا سُدًى من غير شيء ، أي : لغير شيء لا يؤمرون ولا يُنْهَوْنَ { أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } : لأَنفسهم ، فلا يأتمرون لأمر اللَّه ، انتهى ، وعَبَّرَ * ع * : عن هذا بأَنْ قال : وقال آخرون : معناه : أمْ خُلِقُوا لغير عِلَّةِ ولا لغاية عقاب وثواب ؛ فهم لذلك لا يسمعون ولا يتشرَّعون . * ت * : وقد يحتمل أَنْ يكونَ المعنى : أم خُلِقُوا من غير شيء خَلَقَهُمْ ، أي : من غير مُوجِدٍ أَوْجَدَهُمْ ، ويَدُلُّ عليه مقابلته بقوله : { أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } وهكذا قال الغَزَّاليُّ في « الإِحياء » ، قال : وقوله عز وجل : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ } أي : من غير خالق ، انتهى بلفظه من كتاب « آداب التلاوة » قال الغَزَّالِيُّ : ولا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الآيةَ تَدُلُّ أَنَّه لا يُخْلَقُ شَيْءٌ إلاَّ من شيء ! انتهى ، وقال الفخر : قوله تعالى : { مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ } فيه وجوه ، المنقول منها : أم خُلِقُوا من غير خالق ، [ وقيل : أَمْ خُلِقُوا لا لغير شيء عَبَثاً ] ، وقيل : أم خلقوا من غير أَبٍ وأُمِّ ، انتهى ، وأحسنها الأَوَّلُ ؛ كما قال الغَزَّالِيُّ ، واللَّه أعلم بما أراد سبحانه ، وفي الصحيح عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال : " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْمَغْرِبِ بالطُّورِ ، فَلَمَّا بَلَغَ هٰذِهِ الآيَةَ : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } إلى قَوْلِهِ : { ٱلْمُصَيْطِرُونَ } ـــ كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ " ، وفي رواية : " وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا وَقَرَ الإِيمَانُ في قَلْبِي " انتهى ، وأسند أبو بكر ابن الخطيب في تاريخه عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال : « أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في فِدَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ في الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ ، فَكَأَنَّمَا تَصَدَّعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ الْقُرْآنَ » انتهى .