Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 26-38)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { إِلاَّ قِيلاً سَلَـٰماً سَلَـٰماً } قال أبو حيان : « إلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً » الظاهر أَنَّ الاستثناءَ مُنْقَطِعٌ ؛ لأَنَّهُ لا يَنْدَرِجُ في اللغو والتأثيم ، وقيل مُتَّصِلٌ ، وهو بعيد ، انتهى ، قال الزَّجَّاجُ : و { سَلاَماً } مصدر ، كأَنَّهُ يذكر أَنَّهُ يقول بعضهم لبعض : سلاماً سلاماً . * ت * : قال الثعلبيُّ : والسِّدْرُ : شجر النَّبْقِ و { مَّخْضُودٍ } أي : مقطوع الشوك ، قال * ع * : ولأهل تحرير النظر هنا إشارةٌ في أَنَّ هذا الخضد بإزاء أعمالهم التي سلموا منها ؛ إذ أهل اليمين تَوَّابُونَ لهم سلام ، وليسوا بسابقين ، قال الفخر : وقد بان لي بالدليل أَنَّ المراد بأصحاب اليمين : الناجون الذين أذنبوا وأسرفوا ، وعفا اللَّه تعالى عنهم بسبب أدنى حَسَنَةٍ ؛ لا الذين غلبت حسناتُهُم وكَثُرَتْ ، انتهى . والطلح ( من العِضَاهِ ) شَجَرٌ عظيم ، كثيرُ الشوك ، وصفه في الجنة على صفة مباينة لحال الدنيا ، و { مَّنْضُودٍ } معناه : مُرَكَّبٌ ثمره بعضُه على بعض من أرضه إلى أعلاه ، وقرأ علي ـــ رضي اللَّه عنه ـــ وغيره : « وَطَلْعٍ » فقيل لعليِّ : إنَّما هو : « وطَلْحٍ » فقال : ما للطلح والجنة ؟ ! قيل له : أَنُصْلِحُهَا في المصحف ؟ فقال : إنَّ المصحفَ اليومَ لا يُهَاجُ ولا يُغَيِّرُ . وقال عليُّ أيضاً وابن عباس : الطلح الموز ، والظل الممدود : معناه : الذي لا تنسخه شمس ، وتفسير ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ في الْجَنَّةِ شَجْرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَاد المُضَمَّر في ظِّلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لاَ يَقْطَعْها " ، وَاقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ : { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } ، إلى غير هذا من الأحاديث في هذا المعنى . * ت * : وفي « صحيحي البخاريِّ ومسلم » عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ في الجَنَّةِ شَجْرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ لاَ يَقْطَعُهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أوْ تَغْرُبُ " انتهى . { وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ } أي : جارٍ في غير أُخْدُودٍ . { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } أي : لا مقطوعة بالأزمان كحال فاكهة الدنيا ، ولا ممنوعةٌ بوجه من الوجوه التي تمتنع بها فاكهةُ الدنيا ، والفُرُشُ : الأَسِرَّةُ ؛ وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ : إنَّ في ارْتِفَاعِ السَّرِيرِ مِنْهَا مَسِيرَةَ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ . * ت * : وهذا إنْ ثبت فلا بُعْدَ فيه ، إذْ أحوال الآخرة كلها خَرْقُ عادة ، وقال أبو عبيدةَ وغيره : أراد بالفرش النساء ، و { مَّرْفُوعَةٍ } معناه : في الأقدار والمنازل ، و { أَنشَأْنَـٰهُنَّ } معناه : خلقناهن شيئاً بَعْدَ شيء ؛ وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية : " هُنَّ عّجائِزُكُنَّ في الدُّنْيَا عُمْشاً رُمْصاً جَعَلَهُنَّ اللَّهُ بَعْدَ الْكِبَرِ أَتْرَاباً " ، وَقَالَ لِلْعَجُوزِ : " إنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا الْعَجُوزُ ، فَحَزِنَتْ ، فَقَالَ : إنَّكِ إذَا [ دَخَلْتِ الْجَنَّةَ أُنْشِئْتِ خَلْقاً آخَرَ " . وقوله سبحانه : { فَجَعَلْنَـٰهُنَّ أَبْكَـٰراً } قيل : معناه : دائمة البكارة ، متى عاود الوطء ] وجدها بكراً ، والعُرُبُ : جمع عَرُوبٍ ، وهي المُتَحَبِّبَةُ إلى زوجها بإِظهار محبته ؛ قاله ابن عباس ، وعبر عنهنَّ ابن عباس أيضاً بالعواشق ، وقال زيد : العروب : الحسنة الكلام . * ت * : قال البخاريُّ : والعروب يسميها أَهْلُ مَكَّةَ العَرِبَةَ ، وأهل المدينة : الغَنِجَة ، وأَهل العراق : الشَّكِلَة ، انتهى . وقوله : { أَتْرَاباً } معناه : في الشكل والقَدِّ ، قال قتادة : { أَتْرَاباً } يعني : سِنًّا واحدة ، ويُرْوَى أَنَّ أَهل الجنة هم على قَدِّ ابن أربعةَ عَشَرَ عاماً في الشباب ، والنُّضْرَةِ ، وقيل : على مثال أبناء ثلاثٍ وثلاثين سنةً ، مُرْداً بيضاً ، مُكَحَّلِينَ ، زاد الثعلبيُّ : على خَلْقِ آدَم ، طولُه ستون ذراعاً في سبعة أذرع .