Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 10-14)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ … } الآية : قال جمهور العلماء : أراد مَنْ يجيء من التابعين وغيرهم إلى يوم القيامة ، وقال الفرَّاءُ : أراد الفرقة الثالثة من الصحابة ، وهي مَنْ آمن في آخر مُدَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم . وقوله : { يَقُولُونَ } : حال فيها الفائدة ، والمعنى : والذين جاؤوا قائلين كذا ، وروت أُمُّ الدرداء ، وأبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كان يقول : " دَعْوَةُ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مَوَكَّلٌ ، كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، وَلَكَ مِثْلُهُ " رواه مسلم ، انتهى ، قال * ع * : ولهذه الآية قال مالك وغيره : إِنَّه مَنْ كان له في أحدٍ من الصحابة رأيُ سوءٍ أو بغض ، فلا حَظَّ له في فَيْءِ المسلمين ، وقال عبد اللَّه بن يزيد : قال الحسن : أدركت ثلاثمائةٍ مِنْ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم سبعون بَدْرِيًّا كُلُّهم يحدثني أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ " فالجماعة أَلاَّ تَسُبّوا الصحابة ، ولا تماروا في دينِ اللَّه ، ولا تُكَفِّرُوا أَحداً من أَهْلِ التوحيد بذنب ، قال عبد اللَّه : فَلَقِيتُ أبا أمامة وأبا الدرداء وواثلةَ وأَنَساً ، فكلُّهم يحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الحسن ، والغِلُّ : الحقد والاعتقاد الرديء . وقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ … } الآية : نزلت في عبد اللَّه بن أُبَيِّ ابن سلول ، ورفاعةَ بن التابوت وقومٍ من منافقي الأنصار ؛ كانوا بعثوا إلى بني النضير ، وقالوا لهم : اثبتوا في معاقلكم ، فإنَّا مَعَكُمْ كيفما تقلبت حالُكم ، وكانوا في ذلك كاذبين ، وإنَّما أرادوا بذلك أَنْ تقوى نُفُوسُهُمْ ؛ عسى أَنْ يثبتوا حَتَّى لا يقدر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، فيتمَّ مرادهم ، وجاءت الأفعال غيرَ مجزومة في قوله : { لاَ يَخْرُجُونَ } { لاَ يَنصُرُونَهُم } ؛ لأَنَّها راجعةٌ إلى حكم القسم ، لا إلى حكم الشرط ، والضمير في { صُدُورِهِم } يعود على اليهود والمنافقين ، والضمير في قوله : { لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } لبني النضير وجميع اليهود ، هذا قول جماعة المفسرين ، ومعنى الآية : لا يبرزون لحربكم ، وإنَّما يقاتلون متحصنين بالقُرَى والجدران ؛ للرعب والرهب الكائن في قلوبهم . وقوله تعالى : { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : في غائلتهم وإحَنِهِمْ { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } أي : مجتمعين { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } أي : متفرقة ؛ قال * ع * : وهذه حال الجماعة المتخاذلة ، وهي المغلوبةُ أبداً في كُلِّ ما تحاول ، واللفظة مأخوذة من الشتات ، وهو التفرق ونحوه .