Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 130-132)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { يَـٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ … } الآية : هذا الكلامُ داخلٌ في القول يَوْمَ الحشر . قال الفَخْر : قال أهل اللغة : المَعْشَر : كلُّ جماعةٍ أَمْرهم واحدٌ ، وتَحْصُلُ بينهم معاشرةٌ ومخالطةٌ ، فالمَعْشَر : المُعَاشِر . انتهى ، و { مِّنكُمْ } : يعني : مِنَ الإنس ؛ قاله ابن جُرَيْج وغيره ، وقال ابن عباس : من الطائفَتَيْنِ ، ولكنْ رسلُ الجِنِّ هم رُسُلِ الإنسِ ، وهم النُّذُر ، و { يَقُصُّونَ } : من القَصَص ، وقولهم : { شَهِدْنَا } : إقرار منهم بالكفر . وقوله سبحانه : { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا } : ٱلتفاتة فصيحةٌ تضمَّنت أنَّ كفرهم كان بأذَمِّ الوجوه لهم ، وهو الاغترار الذي لا يواقعه عاقلٌ ، ويَحْتَمِلُ { غَرَّتهم } ؛ أنْ يكون بمعنى : أشبعتهم وأطغتهم بحَلْوَائها ؛ كما يقال : غَرَّ الطَّائِرُ فَرْخَهُ . وقوله سبحانه : { وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ } : الجمع بيْنَ هذه الآية وبَيْن الآي التي تقتضي إنكار المشركين الإشْرَاكَ هو إمَّا بأنها طوائفُ ، وإما بأنها طائفةٌ واحدةٌ في مواطنَ شَتَّىٰ . وقوله : { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ } ، أي : ذلك الأمر ، و { ٱلْقُرَىٰ } : المُدُن ، والمراد : أهل القُرَىٰ ، و { بِظُلْمٍ } : يحتمل معنيين : أحدهما : أنه لم يكُنْ سبحانه لِيُهْلِكَهم دون نِذَارة ، فيكون ظُلْماً لهم ، واللَّه تعالَىٰ ليس بظلاَّم للعبيد . والآخر : أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ لم يُهْلِكْهم بظلمٍ واقعٍ منهم دون أنْ ينذرهم ، وهذا هو البيِّن القويُّ ، وذكر الطبري ( رحمه اللَّه ) التأويلين . وقوله سبحانه : { وَلِكُلٍّ دَرَجَـٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ … } الآية : إخبارٌ من اللَّه سبحانه أنَّ المؤمنين في الآخرة على درجاتٍ من التفاضُل بحَسَب أعمالهم ، وتفضُّل المولَىٰ سبحانه عليهم ، ولكنْ كلٌّ راضٍ بما أعطِيَ غايةَ الرضا ، والمشركون أيضاً علَىٰ دركاتٍ من العذابِ ، قلتُ : وظاهر الآية أن الجنَّ يثابون وينالُونَ الدَّرَجَاتِ والدَّرَكَاتِ ، وقد ترجم البخاريُّ على ذلك ، فقال : ذِكْر الجنِّ وثَوَابِهِم وعقابِهِم ؛ لقوله تعالى : { يَـٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ … } الآية ، إلى قوله : { وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ … } ، قال الداووديُّ : قال الضحاكُ : مِنَ الجنِّ مَنْ يدخل الجنَّة ، ويأكل ويشرب . انتهى .