Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 136-138)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ } ، يعني : مشركي العربِ الذين تقدَّم الردُّ عليهم من أول السورة ، و { ذَرَأَ } : معناه : خلَق وأنشأَ وبَثَّ ، وسبَبُ نزول هذه الآية أنَّ العرب كانَتْ تجعل من غَلاَّتها وزُرُوعها وثمارها وأنعامها جُزْءاً تسميِّه للَّه ، وَجْزْءاً تسميه لأصنامها ، وكانت عادتها التحفِّي والاهتبال بنَصيبِ الأصنام أكْثَرَ منها بنصيب اللَّهِ ؛ إذ كانوا يعتقدون أن الأصنام بها فَقْر ، وليس ذلك باللَّه سبحانه ، فكانوا إذا جمعوا الزَّرْعَ ، فهبَّت الريحُ ، فحملَتْ مِنَ الذي للَّه إلى الذي لشركائِهِمْ ، أقروه ، وإذا حملَتْ من الذي لشركائِهِمْ إلى الذي للَّه ، ردُّوه ، وإذا لم يُصِيبُوا في نصيبِ شركائهم شيئاً ، قالوا : لا بُدَّ للآلهة مِنْ نفقةٍ ، فيجعلون نصيب اللَّه تعالَىٰ في ذلك ؛ قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهدٌ والسديُّ وغيرهم ؛ أنهم كانوا يفعلُونَ هذا ونحوه من الفعْلِ ؛ وكذلك في الأنعامِ ؛ كانوا إذا أصابتهم السَّنَةُ ، أكلوا نصيبَ اللَّه ، وتحامَوْا نصيبَ شركائهم . وقوله سبحانه : { وَكَذٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَـٰدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ } ، الكثير هنا يرادُ به مَنْ كان يَئِدُ مِنْ مشركي العرب ، والشركاء ؛ ههنا : الشياطين الآمِرُونَ بذلك ، المزيِّنون له ، والحاملون عليه أيضاً من بني آدم ، ومقصد الآية الذمُّ للوأْد والإنْحَناءُ علَىٰ فَعَلَته ، و { لِيُرْدُوهُمْ } : معناه : ليهلكوهم من الرَّدَىٰ ، و { لِيَلْبِسُواْ } : معناه : ليخلِّطلوا . وقوله سبحانه : { وَلَوْ شَاءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } يقتضي أن لا شيء إلا بمشيئة اللَّه عزَّ وجلَّ ، وفيها ردٌّ علَىٰ من قال بأن المرء يَخْلُقُ أفعاله ، وقوله : { فَذَرْهُمْ } : وعيدٌ محضٌ . وقوله سبحانه : { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَـٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَـٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } الآيةُ تتضمَّن ما شرعوه لأنفسهم وٱلتزموه على جهة القربة كذباً منهم على اللَّه سبحانه ، و { حِجْرٍ } : معناه : التحجيرُ ، وهو المنعُ والتحريمُ ، { وَأَنْعَـٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } : قال جماعةٌ من المفسِّرين : إنَّهم كانت لهم سُنَّة في أنعامٍ مَّا ؛ ألاَّ يُحَجُّ عليها ، فكانَتْ تُرْكَبُ في كلِّ وجه إلا في الحَجِّ ، وقالت فرقة : بل ذلك في الذبائحِ ، جعلوا لآلهتهم نصيباً منها لا يذكُرُونَ اللَّه علَىٰ ذبحها .