Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 141-142)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَهُوَ ٱلَّذِي أَنشَأَ جَنَّـٰتٍ مَّعْرُوشَـٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَـٰتٍ … } الآية : تنبيهٌ علَىٰ مواضع الاِعتبار ، و { أَنشَأَ } : معناه : خلَقَ وٱخترع ، و { مَّعْرُوشَـٰتٍ } ، قال ابنُ عَبَّاس : ذلك في ثَمَر العِنَبِ ، مِنْها : ما عرش وسمك ، ومنها : ما لم يعرش ، و { مُّتَشَـٰبِهاً } : يريد : في المَنْظَر ، و { غَيْرِ مُتَشَـٰبِهٍ } : في الطعم ؛ قاله ابن جُرَيْج وغيره ، وقوله : { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } : نصٌّ في الإباحة ، وقوله سبحانه : { وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } : قال ابن عباس وجماعة : هي في الزكاة المفْرُوضة . قال * ع * : وهذا القولُ مُعْتَرَضٌ بأن السورة مكِّيَّةٌ ؛ وبأنَّه لا زكاة فيما ذُكِرَ من الرُّمَّانِ ، وما في معناه ، وحكى الزجَّاج ؛ أنَّ هذه الآية قيل فيها : إنها نزلَتْ بالمدينة ، وقال مجاهدٌ وغيره : بل قوله : { وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } : نَدْبٌ إلى إعطاء حقوقٍ مِنَ المال غَيْر الزكاة ، والسُّنَّة أن يُعْطِيَ الرجُلُ من زرعه عند الحصَادِ ، وعِنْدَ الذَّرْوِ ، وعنْدَ تكديسه في البَيْدَرِ ، فإذا صَفَّىٰ وكال ، أخرَجَ من ذلك الزكاةَ . وقالتْ طائفة : هذا حكم صدَقَاتِ المسلمين ؛ حتى نزلَت الزكاةُ المفروضةُ ، فنسخَتْها . قال * ع * : والنسخ غَيْرُ مترتِّب في هذه الآية ، ولا تَعَارُضَ بينها وبيْن آية الزكاة ، بل تَنْبَنِي هذه على النَّدْبِ ، وتلك على الفرض . وقوله سبحانه : { وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } النهْيُ عن الإسراف : إما للناس عن التمنُّع عن أدائها ؛ لأن ذلك إسراف من الفعْلِ ، وإما للولاة عن التشطُّط على الناسِ والإذاءة لهم ، وكلٌّ قد قيلَ به في تأويل الآية . وقوله سبحانه : { وَمِنَ ٱلأَنْعَـٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً } { حَمُولَةً } : عطْفٌ على { جَنَّـٰتٍ مَّعْرُوشَـٰتٍ } . التقدير : وأنشأنا من الأنعامِ حمولةً ، والحَمُولَةُ : ما تحمل الأثقال مِنَ الإبل والبقر عنْدَ مَنْ عادته أنْ يحمل عليها ، والفَرْش : ما لا يحمل ثقلاً ؛ كالغنم وصِغَار البَقَر والإبل ، وهذا هو المرويُّ عن ابْنِ مسعود وابن عباس والحَسَن وغيرهم ، ولا مَدْخَل في الآية لغَيْر الأنعام ، وقوله : { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } : نصُّ إباحةٍ ، وإزالةُ مَا سَنَّه الكفرة من البَحِيرَة والسَّائبة وغير ذلك ، ثم تابع النهْيَ عن تلك السُّنَن الآفكة ؛ بقوله سبحانه : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } ، وهي جمع خُطْوَة ، أي : لا تَمْشُوا في طريقه ، قُلْتُ : ولفظ البخاريِّ : { خُطُوٰتِ } من الخَطْو ، والمَعْنَىٰ : آثاره . انتهى .