Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 138-141)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَٰءِيلَ ٱلْبَحْرَ } : أي : بَحْرَ القُلْزُم ، { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ } ، قيل : هم الكَنْعَانِيُّونَ . وقيل : هم مِنْ لَخْم وجُذام ، والقَوْمُ فى كلام العرب : هم الرجَالُ خاصَّة { يَعْكُفُونَ } ، العُكُوفُ : الملازمة { عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } ، قيل كانت بقراً . وقال ابن جُرَيْج : كانت تماثيلَ بقرٍ من حجارةٍ وعيدانٍ ونحوها ، وذلك كان أوَّل فتنةِ العِجْل ، وقولهُم : { ٱجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } ، يظهر منه استحسانهم لمَا رَأَوْه من تلك الآلهة ؛ بجهلهم ؛ فأرادوا أنْ يكون ذلك في شَرْع موسَىٰ ، وفي جملة ما يُتقرَّبُ به إِلى اللَّه ، وإِلاَّ فبعيدٌ أن يقولوا لموسَى : اجعل لنا صنماً نُفْرِدُهُ بالعبادة ، ونَكْفُر بربِّك ؛ وعَلىٰ هذا الذي قُلْتُ يقعُ التشابهُ الذي نصَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في " قَوْلِ أَبي واقِدٍ اللِّيْثِّي ٱجْعَلَ لَنَا ، يَا رَسُولَ اللَّه ، ذَاتَ أَنْوَاطٍ ؛ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، فأنكره النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَر ! قُلْتُمْ واللَّه كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ؛ { ٱجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } : لَتَّتبعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ … " الحديث ، ولم يقصد أبو واقدٍ بمقالته فساداً ، وقال بعضُ الناس ؛ كان ذلك من بني إسرائيل كفراً ، ولفظة « الإِلٰه » تقتضي ذلك ، وهذا محتملٌ ، وما ذكرتُهُ أولاً أصحُّ ، واللَّه أعلم . قلتُ : وقولهم : { هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ } [ طه : 88 ] ، وجواب موسَىٰ هنا يقوِّي ٱلاحتمال الثاني ، نعم : الَّذي يجب أن يعتقد أنَّ مِثْلَ هذه المقالاتِ إنما صَدَرَتْ مِنْ أشرارهم وقريبي العَهْد بالكُفْر ، قال الشيخُ الحافظُ أبو القاسِمِ عَبْدُ الرحمٰن بْنُ عبْدِ اللَّهِ الخَثْعَمِيُّ ثم السُّهَيْليُّ ذكر النَّقَّاش في قوله تعالى : { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } ؛ أنهم كانوا مِنْ لَخْمٍ ، وكانو يعبُدُون أصناماً عَلىٰ صور البقر ، وأنَّ السامِريَّ كان أصله منهم ، ولذلك نزع إِلى عبادة العجْلِ . انتهى ، واللَّه أعلم ، وهذا هو معنىٰ ما تقدَّم من كلام * ع * ، وقوله : { إِنَّ هَـؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ } ، أي : مُهْلَكٌ ، مُدَمَّر ، رديءُ العاقبة ، والتَّبَار : الهلاكُ ، وإِنَا مُتَبَّرٌ ، أي : مكسورٌ ، وكسارته تِبْرٌ ؛ ومنه : تِبْرُ الذَّهَبِ ؛ لأنه كسارة ، وقوله : { مَّا هُمْ فِيهِ } يعمُّ جميع أحوالهم و { بَاطَلٌ } : معناه : فاسدٌ ذاهبٌ مضحملٌّ ، و { أَبْغِيكُمْ } معناه : أطلبُ . ثم عدَّد عليهم سبحانه في هذه الآية النِّعَمَ التي يجبُ من أجلها أَلاَّ يكفروا به ، ولا يَرْغَبُوا في عبادة غيره ، فقال : { وَإِذْ أَنْجَيْنَـٰكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ … } الآية : و { يَسُومُونَكُمْ } معنا : يحمِّلُونكم ، ويكلِّفونكم ، ومساوَمَةُ البيع تنظر إِلى هذا ؛ فإِنْ كلَّ واحد من المتساوِمَيْن يكلِّف صاحبه إِرادَتُه ، ثم فَسَّرَ سوء العذاب بقوله : { يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ … } الآية .